الموصلة ، يلزمه القول بمقدّميّة الذّات ـ أيضا ـ لتركّب المقدّمة حينئذ من الذّات وقيديّة الإيصال ولو على وجه دخول التّقييد وخروج القيد ، فالذّات حينئذ مقدّمة لحصول المقدّمة المركّبة ، كما هو الشّأن في جميع أجزاء المركّب ؛ حيث إنّ وجود كلّ جزء يكون مقدّمة لوجود المركّب ، فبعد فرض مقدّميّة الذّات لا بدّ وأن يعتبر فيها ـ أيضا ـ قيد الإيصال ، وإلّا لزم الخلف ، ثمّ ننقل الكلام إلى ذات هذا المقيّد بالإيصال ، وهكذا إلى ما لا نهاية له ، فلا محيص بالآخرة من أن ينتهي إلى ما يكون الذّات مقدّمة. (١)
وفيه : أوّلا : أنّ المقدّمة الموصلة وإن كانت مركّبة من الذّات وقيديّة الإيصال ، وأنّ نسبة الذّات إلى المركّب ، نسبة الجزء إلى الكلّ ، إلّا أنّ ذلك ، لا يستلزم كون الذّات مقدّمة لحصول المركّب حتّى يستدعي ذلك محذور التّسلسل ، بما عرفت ؛ وذلك ، لأنّ المراد من المقدّمة هو ما لها وجود مستقلّ في قبال وجود ذي المقدّمة ، غاية الأمر ، يتوقّف وجوده على وجودها.
ومن المعلوم : أنّ وجود الأجزاء ليس إلّا وجود المركّب ، لا أنّ لها وجودها آخر غير وجود المركّب ، كى يقال : بتوقّف أحدهما على الآخر ، وعليه ، فلا يبقى المجال للمقدّميّة في الفرض ، حتّى ينقل الكلام إليه ، فيوجب التّسلسل.
وثانيا : أنّ التّسلسل المذكور أمر سهل ؛ لكونه أجنبيّا عن التّسلسل المحال العقلي ، على ما قرّر في محلّه ، وبيّن لأهله.
ثمّ إن ، العلّامة الحائري قدسسره تعرّض هنا تقريبا آخر للدّور ، فقال ما حاصله : أنّ
__________________
(١) راجع ، فوائد الاصول : ج ١ ، ص ٢٩٠.