فإن جعلت الألف واللام فى «الناصحين» للتعريف ، وليستا بمعنى «الذين» ، جاز أن تتعلق ب «الناصحين» ، وهو قول المازني.
٢٣ ـ (قالا رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ)
نداء الرب ، قد كثر حذف الياء منه فى القرآن ، وعلة ذلك فى حذف «يا» من نداء الرب تعالى فيه معنى التعظيم له والتنزيه ، وذلك أن النداء فيه طرف من معنى الأمر ؛ لأنك إذا قلت : يا زيد ، فمعناه : تعال يا زيد ، أدعوك يا زيد ، فحذفت «يا» من نداء الرب ؛ ليزول معنى الأمر وينتفى ، لأن «يا» يؤكده ويظهر معناه ، فكان فى حذف «يا» : التعظيم والإجلال والتنزيه ، فكثر حذفها فى القرآن ، والكلام فى نداء «رب» لذلك المعنى.
«وإن لم تغفر لنا» : دخلت «إن» على «لم» ليرد الفعل إلى أصله فى لفظه ، وهو الاستقبال ؛ لأن «لم» يرد لفظ المستقبل إلى معنى المضي ، و «إن لم» يرد الماضي إلى معنى الاستقبال ، كما صارت «لم» ، ولفظ المستقبل بعدها بمعنى الماضي ، ردتها «إن» إلى الاستقبال ؛ لأن «إن» ترد الماضي إلى معنى الاستقبال.
٢٤ ـ (قالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ
وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ)
«جميعا» : حال من المضمر فى «اهبطا».
«بعضكم لبعض عدو» : ابتداء وخبر ، فى موضع الحال أيضا ؛ وكذلك : «ولكم فى الأرض مستقر ومتاع إلى حين».
٢٦ ـ (يا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً يُوارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً وَلِباسُ التَّقْوى ذلِكَ
خَيْرٌ ذلِكَ مِنْ آياتِ اللهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ)
«قد أنزلنا عليكم لباسا» : يعنى : ما أنزل من المطر فنبت به الكتان والقطن ، ونبت به الكلأ الذي هو سبب ثياب الصوف والوبر والشعر على ظهر البهائم ، وهذا المعنى يسمى التدريج ؛ لأنه تعالى سمى الشيء باسم ما تدرج عنه.
«ولباس التّقوى» : من نصبه عطفه على «لباس» المنصوب ب «أنزلنا» ، ومن رفعه ، فعلى الابتداء بالقطع مما قبله ؛ و «ذلك» : نعته ، أو بدل منه ، أو عطف بيان عليه ؛ و «خير» : خيره.