إنّ المقارنة بين هذا النوع من المسائل التاريخية في القرآن وبين ماورد منها في الانجيل من شأنه أن يضع الحدود الفاصلة بينهما ويبين أيّهما هو الصادر من قبل الله حقاً ، وأيّهما هو المحرف والمختلق من الذهن البشري.
* * *
١٠ ـ حضور المرأة العاصية في مجلس السيد المسيح عليهالسلام
لم تظهر في الآيات المختلفة للقرآن التي وردت في حق السيد المسيح حتى الحد الأدنى من ترك الأولى ، وقد وصفت الآيات التي وردت في شأن أمه مريم قداستها في أجلى صورها ، بحيث إنّها ذعرت بشدة والتجأت إلى الله حينما شاهدت ملك الوحي الذي جاءها من قبل الله ليهبها ولداً ، (لأنّه ظهر أمامها على هيئة شاب جميل مجهول) حتى أنّها لما قاست من آلام وضع الحمل ، وجسدت في مخيلتها مستقبل حياتها ، بأنّ من الممكن أن ينسب لها الأعداء والبسطاء النسب القبيحة ؛ قالت : (يَالَيْتَنِى مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْياً مَّنْسِيّاً). (مريم / ٢٣)
غير أنّ نبيّاً بهذه القداسة بحيث ينطلق لسانه بأمر من الله في المهد ، ويبرهن عملياً على طهارة امه ، ويتحدث عن الصلاة والزكاة ، وكل مظهر من مظاهر التقوى من تلك اللحظة ، مثل هذا النبي يرد وصفه في بعض الأناجيل بأوصاف تبعث كلّ قارىء على الدهشة والاستغراب.
والآن لنستمع وننظر إلى مابينه «انجيل لوقا» عن حكاية المرأة السيئة الصيت التي جاءت إلى المسيح عليهالسلام وتابت : «ودعا أحد الفريسيين (إحدى فرق اليهود ، والفريس بمعنى المُعتزل) إلى الطعام عنده فدخل بيت الفريسي وجلس إلى المائدة وكان في المدينة امرأة خاطئة فعلمت أن يسوع يأكل في بيت الفريسي وجاءت ومعها قارورة طيب ، ووقفت من خلف عند قدميه وهي تبكي واخذت تبل قدميه بدموعها وتمسحهما بشعرها ، وتقبلهما وتدهنهما بالطيب فلما رأى الفريسي صاحب الدعوة ماجرى ، قال في نفسه : «لو كان هذا