وعرفت بالكيسانية ، وإلى أبي هاشم عبد الله بن محمد بن الحنفية مرة ثالثة ، وعرفت بالهاشمية (١).
وإذا كان محمد بن الحنفية زاهدا في الخلافة معرضا عنها ، بدليل أنه بايع عبد الملك ابن مروان راضيا ، فإن ولده أبا هاشم عبد الله رأى أن لآل علي حقّا فيها ؛ فجعل يسعى للدعوة سرّا إلى الخلافة.
وأحس سليمان بن عبد الملك بما يدبره أبو هاشم ، وبتطلعه إلى الخلافة لا سيما بعد أن آنس منه علما واسعا وذكاء متقدا ، فأرسل من دس له السم عند عودته من الشام (٢) ، فلما أحس أبو هاشم بدنو أجله آثر أن يتوجه إلى الحميمة (٣) للإقامة لدى علي بن عبد الله ابن عباس ، فعرفه حاله وأعلمه أن الخلافة صائرة إلى ولده ، وأعلمه كيف يصنع ثم مات عنده (٤).
ولا ريب أن أبا هاشم قد أبلغ شيعته ودعاته قبل وفاته أن أمر الخلافة مصروف إلى محمد بن علي العباسي ، وأمرهم بطاعته والإذعان له.
وكذلك فإن أبا هاشم قد أمد محمد بن علي بأسماء الدعاة للشيعة في الكوفة وخراسان وسلمه كتبا إليهم حتى يطمئنوا له.
«وعلى أساس هذه الوصية ورث محمد بن علي العباسي حق الكيسانية في الإمامة ، فما كاد أبو هاشم يموت حتى قصده الشيعة وبايعوه ثم عادوا إلى مراكزهم ، وبدءوا في نشر الدعوة لمحمد بن علي العباسي عن طريق الدعاة» (٥).
وخليق بنا أن نتساءل : لما ذا عدل أبو هاشم عن أهل بيته من العلويين ، وحوّل حقهم في الخلافة إلى بني عمه من العباسيين؟
يقول د / حسن إبراهيم حسن : «لكي نجيب على هذا السؤال نرجع إلى الوراء قليلا فنقول : إنه منذ وفاة الرسول صلىاللهعليهوسلم ، لم يرشح المسلمون للخلافة أحدا من بني هاشم إلا علي بن أبي طالب وأولاده ، ولم تتجه الأنظار إلى العباس عم النبي بعد وفاته ؛ لأنه لم يكن من السابقين إلى الإسلام ؛ ومن ثم لم يرشّح للخلافة هو ولا أولاده من بعده ، وقد
__________________
(١) د / السيد عبد العزيز سالم ، العصر العباسي الأول ، الإسكندرية مطبعة شباب الجامعة ص ١٨ ، ١٩.
(٢) مقاتل الطالبين ٩١ ، شذرات الذهب (١ / ١١٣) ، الكامل لابن الأثير (٥ / ٥٣ ، ٥٤).
(٣) ينظر : مراصد الاطلاع (١ / ٤٢٨).
(٤) انظر : ابن الأثير ، الكامل في التاريخ (٥ / ٥٣ ، ٥٤).
(٥) د / السيد عبد العزيز سالم ، العصر العباسي الأول ص ٢٠.