قيل : إن أبا سفيان جاء العباس بعد بيعة أبي بكر فقال له : ابسط يدك أبايعك ، فأبى العباس. وكانت العلاقة بين بني ـ هاشم علويين وعباسيين ـ تقوم على الود والصفاء ، وكان البيتان متحدين على العدو المشترك من بني أمية ، إلى أن انتقل حق الإمامة من العلويين إلى العباسيين بنزول أبي هاشم بن محمد ابن الحنفية.
ويظهر أن العباسيين كانوا في أواخر القرن الأول الهجري أكثر كفاية ونشاطا في الناحية السياسية من العلويين ، وأكثر تطلعا منهم إلى النفوذ والسلطان.
وقد قيل : إن أبا هاشم إنما فعل ذلك ؛ لأنه لم يجد بين أفراد البيت العلوي من يستطيع النهوض بأعباء إمامة المسلمين ، أضف إلى ذلك اختلاف اعتقاد الشيعة الكيسانية (أنصار أبي هاشم) عن اعتقاد الشيعة الإمامية (أنصار أولاد فاطمة).
على أن هناك مسألة جديرة بالملاحظة ، وهي أن نزول أبي هاشم بن محمد ابن الحنفية عن حقه في الخلافة لا يمكن أن يعتبر نزولا من العلويين جميعا ؛ لأن فريقا كبيرا منهم ظل متمسكا بعقائد الشيعة الإمامية بدليل قيامهم في وجه العباسيين بعد قيام دولتهم» (١).
تنظيم الدعوة العباسية :
أدرك محمد بن علي بن عبد الله العباسي أن تحويل الدعوة إلى الخلافة من البيت العلوي إلى البيت العباسي على هذا النحو المفاجئ قد يقضي على الدعوة قضاء لا قيام لها بعده ، فآثر أن يمهد لذلك بتهيئة النفوس والعقول ، بأن اختار لدعوته شعارا تتستر وراءه ، ويضمن انضمام العباسيين والعلويين جميعا إليه ، وهو «الرضا من آل محمد» ، ويقصد به أي شخص من آل البيت النبوي يتفق عليه في الوقت المناسب ؛ درءا وتقية لما قد يصيب الدعوة من أخطار إذا ما اكتشفت السلطات الأموية سرها ، وفي الوقت نفسه كسبا لأنصار جدد من شيعة فارس الذين كانوا يميلون ـ سواء عن إيمان عقائدي راسخ أو بدافع من الشعور القومي ـ للعلويين ، وزيادة في تعمية الأمر على الأمويين والعلويين وتجنبا لإثارة الشبهات في نواياه الحقيقية (٢).
مراكز الدعوة العباسية :
اتخذ محمد بن علي العباسي الكوفة وخراسان مركزين لنشر الدعوة العباسية وبث مبادئها وأهدافها ، أما الكوفة فلأنها مهد التشيع ومستقر أنصار آل البيت ، وأما خراسان
__________________
(١) د / حسن إبراهيم حسن ، تاريخ الإسلام (٢ / ١٠ ، ١١).
(٢) د / السيد عبد العزيز سالم ، العصر العباسي الأول ، ص ٢٢.