الزبير ، وباقيها في زمان خلافة عبد الملك بن مروان وولاية الحجاج على العراق» (١).
وكان المهلب قبل الواقعة يثير خلافهم ، فتحتدم المناقشة بينهم احتداما شديدا ، ثم يلقاهم وهم على هذا الخلاف ؛ ولذا أخذ شأن الخوارج يضعف في عهد قطري بن الفجاءة ؛ لاختلافهم فرقا من جهة ، ولأثر هذا الاختلاف في مواقفهم في ميدان القتال من جهة ثانية ، وتألب المسلمين عليهم من جهة ثالثة ، وغلظتهم في معاملة مخالفيهم من جهة رابعة.
وقد توالت هزائمهم على يد المهلب ومن جاء بعده من قواد الأمويين حتى انتهى أمرهم (٢).
خلاصة المبادئ التي اعتنقها الأزارقة :
أجمل عبد القاهر البغدادي مبادئ الأزارقة في مسائل أربعة :
أولا : قولهم بأن مخالفيهم من هذه الأمة مشركون ، وكانت المحكمة الأولى يقولون : إنهم كفرة لا مشركون.
ثانيا : قولهم : إن القعدة ـ ممن كان على رأيهم ـ عن الهجرة إليهم مشركون وإن كانوا على رأيهم.
ثالثا : أنهم أوجبوا امتحان من قصد عسكرهم إذا ادعى أنه منهم : أن يدفع إليه أسير من مخالفيهم ويأمروه بقتله ، فإن قتله صدقوه في دعواه أنه منهم ، وإن لم يقتله قالوا : هذا منافق ومشرك وقتلوه.
رابعا : استباحوا قتل نساء مخالفيهم ، وقتل أطفالهم ، وزعموا أن الأطفال مشركون ، وقطعوا بأن أطفال مخالفيهم مخلدون في النار (٣).
ومن آرائهم كذلك : أن مرتكب الكبيرة والمعصية كافر مخلد في النار ، وأن دار مخالفيهم دار كفر ، كما يكفرون ـ كسائر الخوارج ـ عليّا في التحكيم ، والحكمين أبا موسى وعمرو بن العاص(٤).
__________________
(١) السابق ص ١٠٤.
(٢) الإمام محمد أبو زهرة ، تاريخ المذاهب الإسلامية (ص ٧١).
(٣) الفرق بين الفرق (ص ١٠١ ، ١٠٢).
(٤) مقالات الإسلاميين (ص ١٧٠) ، وانظر أيضا : المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار ، المقريزي (٢ / ٣٥٤).