وعلم الكلام.
ونذكر هنا على سبيل الإجمال المسائل التي اختلف فيها السادة الأشعرية مع السادة الماتريدية وقد تقدم بيان أن مدار جميع عقائد الملة الإسلامية على قطبين من أقطاب العلوم الشرعية : أحدهما الإمام أبو الحسن الأشعري ، والآخر الإمام أبو منصور الماتريدي.
وقبل ذكر هذه المسائل يجدر بي أن أبين أن الأشاعرة والماتريدية متفقون على الأصول العامة لعقيدة أهل السنة والجماعة ، والخلاف الظاهر بينهما في بعض المسائل الجزئية ، وهو أمر لا يقدح في نسبتهما جميعا إلى مذهب أهل السنة والجماعة ، ولا يوجب القول بأن أحد الفريقين مبتدع ، مخالف للعقيدة السليمة (١).
قال الخيالي في حاشيته على شرح العقائد : «الأشاعرة هم أهل السنة والجماعة ، هذا هو المشهور في ديار خراسان والعراق والشام وأكثر الأقطار ، وفي ديار ما وراء النهر يطلق ذلك على الماتريدية أصحاب الإمام أبي منصور ، وبين الطائفتين اختلاف في بعض المسائل ؛ كمسألة التكوين وغيرها». اه.
وقال الكستلي (٢) في حاشيته عليه : «المشهور من أهل السنة في ديار خراسان والعراق والشام وأكثر الأقطار هم الأشاعرة أصحاب أبي الحسن الأشعري أول من خالف أبا علي الجبائي ورجع عن مذهبه إلى السنة ـ أي : طريق النبي صلىاللهعليهوسلم ـ والجماعة ـ أي : طريقة الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ وفي ديار ما وراء النهر الماتريدية أصحاب أبي منصور الماتريدي تلميذ أبي نصر العياضي تلميذ أبي بكر الجوزجاني صاحب أبي سليمان الجوزجاني صاحب محمد بن الحسن صاحب الإمام أبي حنيفة ، وبين الطائفتين اختلاف في بعض الأصول ؛ كمسألة التكوين ومسألة الاستثناء في الإيمان ، ومسألة إيمان المقلد. والمحققون من الفريقين لا ينسب أحدهما الآخر إلى البدعة والضلالة». اه.
وقال ابن السبكي في شرح عقيدة ابن الحاجب : «اعلم أن أهل السنة والجماعة كلهم قد اتفقوا على معتقد واحد فيما يجب ويجوز ويستحيل ، وإن اختلفوا في الطرق والمبادئ الموصلة لذلك ... وبالجملة فهم بالاستقراء ثلاث طوائف :
الأولى : أهل الحديث ، ومعتمد مبادئهم الأدلة السمعية ، أعني الكتاب والسنة
__________________
(١) ينظر : الروضة البهية (ص ٢٦٢).
(٢) ينظر : حاشيته على العقائد ص (٦٧).