القرآنية».
وأطلق التفسير الموضوعي على جميع الأشباه والنظائر في القرآن الكريم حسب مادة الكلمة ، ثم ترتيبها ترتيبا معجميا ، وذلك كما صنع الفقيه الدامغاني في كتابه : «إصلاح الوجوه والنظائر في القرآن الكريم».
ونستطيع القول : إن التفسير الموضوعي للقرآن الكريم هو معرفة مراد الله تعالى من كلامه الكريم في آيات عديدة يجمعها موضوع واحد ، وذلك بقدر الطاقة البشرية والعلوم المعنية (١).
ولكن مما ينبغي إبرازه أن التفسير الموضوعي وجد منذ عصر رسول الله صلىاللهعليهوسلم وليس وليد العصر الحاضر ، وذلك لسببين :
الأول : أن القرآن الكريم يفسر بعضه بعضا ، فما أجمل في موضع فصل في موضع آخر ، وما أبهم في موضع بين في موضع آخر ، وهكذا ، وفي ذلك يقول السيوطي عند حديثه عن شروط المفسر وآدابه : «قال العلماء : من أراد تفسير الكتاب العزيز طلبه أولا من القرآن ، فما أجمل منه في مكان فقد فسر في موضع آخر ، وما اختصر في مكان فقد بسط في موضع آخر منه ، وقد ألف ابن الجوزي كتابا فيما أجمل في القرآن في موضع وفسر في موضع آخر منه» (٢).
والسبب الثاني : أن الرسول صلىاللهعليهوسلم قد استخدم هذا الأسلوب في بيان وتفسير ما أشكل على الصحابة من القرآن الكريم ، حيث ضم الآيات إلى بعضها ؛ ليتضح المعنى ويتبين المراد ، فمن ذلك أن الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ لما سمعوا قوله تعالى : (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ) [الأنعام : ٨٢] خافوا وظنوا أنهم قد حرموا الأمن والأمان ؛ لأن الظلم واقع من كل إنسان لا محالة ، حتى ظلمه لنفسه ، فذهبوا إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم في فزع وخوف ، فطمأنهم ، وبين لهم أنهم في أمن وأمان ؛ لأن الظلم المراد في الآية هو الشرك ، وتلا عليهم قوله تعالى : (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) [لقمان : ١٣] فاطمأنت نفوسهم بذلك (٣).
وقد سار الصحابة على سنن رسول الله صلىاللهعليهوسلم في ذلك ، فكانوا يجمعون آيات القرآن
__________________
(١) ينظر فيما سبق : د / محمد نبيل غنائم : بحوث ونماذج من التفسير الموضوعي (دار الهداية للنشر والتوزيع. الطبعة الأولى ١٤٢٢ ه ـ ٢٠٠٢ م) ص ١٠ وما بعدها.
(٢) الإتقان (٢ / ١٧٥).
(٣) ينظر : د / محمد نبيل غنائم : بحوث ونماذج من التفسير الموضوعي ص ١٩ ، ٢٠.