يقولون ، مما هو داخل تحت حدود النهي من النبي صلىاللهعليهوسلم.
ب ـ جمع القراءات
جمع أصحاب هذه المدرسة القراءات الثابتة ، وكان أكثر تلاميذ ابن عباس حرصا على ذلك ، هو سعيد بن جبير ، فقد كان سعيد بن جبير يؤم الناس في شهر رمضان ، فروي عنه أنه كان «يقرأ ليلة بقراءة ابن مسعود ، وليلة بقراءة زيد بن ثابت ، وليلة بقراءة غيره ، وهكذا أبدا» (١).
وما من شك في أن جمع القراءات يمنح القدرة على التوسع في معرفة معاني القرآن وأسراره.
ج ـ التفسير بالرأي :
قلنا : إن هذه المدرسة قامت على الرواية ؛ وذلك لأن أصحابها تحرجوا من التفسير بالرأي ، فقد روى ابن خلكان عن سعيد بن جبير أنه كان يتورع من القول في التفسير برأيه ، فقد جاء رجل وسأل سعيدا أن يكتب له تفسير القرآن ، فقال : لأن يسقط شقي أحب إلى من ذلك.
لكن لم يكن كل أصحاب المدرسة على درجة واحدة في هذا التحرج ، فمنهم من زاد تحرجه كسعيد بن جبير ـ كما رأينا ـ ومنهم من خف تحرجه كمجاهد بن جبر ، فكان من أكثر تلاميذ المدرسة المكية تحررا ، لكنه التحرر المنضبط ؛ لذلك نجده يقول : «ولا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يتكلم في شيء من كتاب الله ، إذا لم يكن عالما بلغات القرآن ، ولا يكتفي باليسير منها ؛ إذ اللفظ ربما كان مشتركا فيغفل عن أحد المعنيين» (٢).
ويقف في درجة وسطى بين شدة التحرج وخفته عكرمة ، فمن يتتبع تفسيره في بطون كتب التفسير يجد فيه خصائص تفسير أستاذه ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ الذي تعلوه المسحة اللغوية والرجوع إلى الشعر ، وهو يمثل لونا من التفسير بالرأي.
ومن ثم يمكن القول دونما وجل : إن المدرسة المكية في التفسير تقوم على الرواية «أي التفسير بالمأثور» لكنها في الوقت نفسه لم تهمل التفسير بالرأي ، يدل على ذلك ما رواه الطبري في تفسيره عن مجاهد في تفسير قول الله تعالى : (وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا
__________________
(١) وفيات الأعيان (١ / ١٠٧).
(٢) ينظر : البرهان في علوم القرآن للزركشي (١ / ٢٩٢) ، ودراسات في القرآن الكريم للدكتور السيد خليل (دار المعارف ، القاهرة ١٩٧٢ م) ص ١٣٧.