وقال ابن معين : إذا رأيت إنسانا يقع في عكرمة ، وفي حماد بن سلمة ، فاتهمه على الإسلام.
وقال العجلي فيه : مكي تابعي ثقة ، بريء مما يرميه به الناس من الحرورية.
وقال البخاري : ليس أحد من أصحابنا إلا وهو يحتج بعكرمة.
وقد وثقه النسائي وأخرج له في كتابه السنن ، كما أخرج له البخاري ، ومسلم ، وأبو داود ، وغيرهم ، وكان مسلم بن الحجاج من أسوئهم رأيا فيه ، ثم عدله بعد ما جرحه.
وقال المروزي : أجمع عامة أهل العلم بالحديث على الاحتجاج بحديث عكرمة ، واتفق على ذلك رؤساء أهل الحديث من أهل عصرنا ، منهم أحمد بن حنبل ، وابن راهويه ، ويحيى بن معين ، وأبو ثور ، ولقد سألت إسحاق بن راهويه عن الاحتجاج بحديثه فقال : عكرمة عندنا إمام الدنيا!!! تعجب من سؤالي إياه.
فإن عكرمة ـ رضي الله عنه ـ كان على مبلغ عظيم من العلم ، وعلى مكانة عالية من التفسير خاصة ، وقد شهد له العلماء بذلك ، فقال ابن حبان : كان من علماء زمانه بالفقه والقرآن ، وقال عمرو بن دينار : دفع إليّ جابر بن زيد مسائل أسأل عنها عكرمة وجعل يقول : هذا عكرمة مولى ابن عباس ، هذا البحر فسلوه.
وكان الشعبي يقول : ما بقي أحد أعلم بكتاب الله من عكرمة.
وقال حبيب بن أبي ثابت : اجتمع عندي خمسة : طاوس ، ومجاهد ، وسعيد بن جبير ، وعكرمة ، وعطاء ، فأقبل مجاهد وسعيد بن جبير يلقيان على عكرمة التفسير ؛ فلم يسألاه عن آية إلا فسرها لهما ، فلما نفد ما عندهما جعل يقول : أنزلت آية كذا في كذا ، وأنزلت آية كذا في كذا.
وقال يحيى بن أيوب المصري : سألني ابن جريج : هل كتبتم عن عكرمة؟ فقلت : لا ، قال : فاتكم ثلثا العلم (١).
وروى البخاري في صحيحه عن عكرمة أن ابن عباس قال له : «حدث الناس كل جمعة مرة ، فإن أبيت فمرتين ، فإن أكثرت فثلاث مرات ، ولا تمل الناس هذا القرآن ، ولا ألفينك تأتي القوم وهم في حديث من حديثهم ، فتقص عليهم ، فتقطع عليهم حديثهم فتملهم ، ولكن أنصت ، فإذا أمروك فحدثهم وهم يشتهونه ، وانظر السجع من الدعاء فاجتنبه ، فإني
__________________
(١) ينظر : التفسير والمفسرون (١ / ١١٢ ، ١١٣).