عنه التفسير أكثر من غيره ؛ ولهذا عد من تلاميذه ، وجاء ذكره في مدرسة مكة.
والتفسير المأثور عنه قليل جدّا ، ومعظمه يرويه عن ابن عباس ، ولقلة التفسير المأثور عنه وطول باعه في الفقه ، قالوا عنه : إنه فقيه لا مفسر ، وعده علماء الفقه فقيها (١).
٥ ـ عطاء بن أبي رباح :
عطاء بن أبي رباح القرشي ، مولاهم أبو محمد الجندي اليماني ، نزيل مكة وأحد الفقهاء والأئمة ، روى عن عثمان وعتاب بن أسيد مرسلا ، وعن أسامة بن زيد ، وعائشة ، وأبي هريرة ، وأم سلمة ، وعروة بن الزبير ، وطائفة ، وروى عنه أيوب وحبيب بن أبي ثابت ، وجعفر بن محمد ، وجرير بن حازم ، وابن جريج ، وخلق.
قال ابن سعد : كان ثقة عالما كثير الحديث ، انتهت إليه الفتوى بمكة.
وقال أبو حنيفة : ما لقيت أفضل من عطاء.
وقال ابن عباس ـ وقد سئل عن شيء ـ : يا أهل مكة تجتمعون علي وعندكم عطاء.
وقيل : إنه حج أكثر من سبعين حجة.
قال حماد بن سلمة : حججت سنة مات عطاء سنة أربع عشرة ومائة.
مكانته في التفسير :
لم يكن عطاء مكثرا من رواية التفسير عن ابن عباس ، كما كان مقلّا في التفسير بالرأى ، ويرجع ذلك إلى تحرجه من القول بالرأي.
يقول الدكتور الذهبي : وإذا نحن تتبعنا الرواة عن ابن عباس نجد أن عطاء بن أبي رباح لم يكثر من الرواية عنه كما أكثر غيره ، ونجد مجاهدا وسعيد بن جبير يسبقانه من ناحية العلم بتفسير كتاب الله ، ولكن هذا لا يقلل من قيمته بين علماء التفسير ، ولعل إقلاله في التفسير يرجع إلى تحرجه من القول بالرأي ، فقد قال عبد العزيز بن رفيع : سئل عطاء عن مسألة فقال : لا أدري ، فقيل له : ألا تقول فيها برأيك؟ قال : إني أستحي من الله أن يدان في الأرض برأيي (٢).
وبعد : فهذه هي مدرسة التفسير في مكة التي كان لها الأثر الكبير في نشأة علم التفسير
__________________
(١) ينظر : تهذيب الكمال (١٣ / ٣٥٧) ، وسير أعلام النبلاء (٥ / ٣٨) ، وتذكرة الحفاظ (١ / ٩٠) ، وشذرات الذهب (١ / ١٣٣).
(٢) التفسير والمفسرون (١ / ١١٥).