التاسعة : مطابقة التفسير لما كان عليه النبي صلىاللهعليهوسلم في هديه وسيرته ؛ لأنه هو الشارح المعصوم للقرآن بسنته الجامعة لأقواله وأفعاله وشمائله وتقريراته.
العاشرة : رعاية قانون الترجيح والاحتمال (١) ، وذلك أن اللفظ قد يحتمل معنيين فصاعدا ، فما ذا يكون العمل؟
نقل السيوطي عن الزركشي في هذه المسألة قولا من أجمع الأقوال ، فقال :
«قال الزركشي ـ رحمهالله ـ : كل لفظ احتمل معنيين فصاعدا هو الذي لا يجوز لغير العلماء الاجتهاد فيه ، وعليهم اعتماد الشواهد والدلائل دون مجرد الرأي ، فإن كان أحد المعنيين أظهر ، وجب الحمل عليه ، إلا أن يقوم الدليل على أن المراد هو الخفي.
وإن استويا ، والاستعمال فيهما حقيقة ، لكن في أحدهما حقيقة لغوية أو عرفية ، وفي الآخر شرعية ، فالحمل على الشرعية أولى ، إلا أن يدل دليل على إرادة اللغوية ، كما في : (وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ) [التوبة : ١٠٣].
ولو كانت في أحدهما عرفية ، والآخر لغوية ، فالحمل على العرفية أولى.
وإن اتفقا في ذلك ـ أيضا ـ : فإن تنافى اجتماعهما ولم يمكن إرادتهما باللفظ الواحد : كالقرء للحيض والطهر ، اجتهد في المراد منهما بالأمارات الدالة عليه ، فما ظنه فهو مراد الله تعالى في حقه ، وإن لم يظهر له شيء فهل يتخير في الحمل على أيهما شاء؟ أو يأخذ بالأغلظ حكما؟ أو بالأخف؟ أقوال.
وإن لم يتنافيا وجب الحمل عليهما عند المحققين ، ويكون ذلك أبلغ في الإعجاز والفصاحة ، إلا إن دل دليل على إرادة أحدهما» (٢).
ونستجلي الأمر بوضوح أكثر عند الرجوع إلى نص الزركشي الأصلي ، ففي بيانه ـ رحمهالله ـ لأقسام التفسير ، وأنها أربعة أقسام ، قال في القسم الرابع :
والرابع : ما يرجع إلى اجتهاد العلماء وهو الذي يغلب عليه إطلاق التأويل ، وهو صرف اللفظ إلى ما يئول إليه ، فالمفسر ناقل والمؤول ، مستنبط وذلك استنباط الأحكام
__________________
(١) ينظر : د. الذهبي التفسير والمفسرون (١ / ٢٦٤ ـ ٢٦٧) ، والزرقاني : مناهل العرفان في علوم القرآن ص ٥٩ ، ٦٠ ، ومحمد علي الصابوني : التبيان في علوم القرآن ص ١٦٢ ، ود / إبراهيم عبد الرحمن خليفة : الدخيل في التفسير ص ٣٥١ وما بعدها ، ود / أبو شهبة : الإسرائيليات والموضوعات ص ١١٧ ـ ١٢١.
(٢) الإتقان (٢ / ١٨٢).