قديمة ترجع إلى صفة التكوين ، أو يريد مصدرها ومنشأها وهو القدرة والاقتدار الراجع للصفة المعنوية ، أي : كونه قادرا ؛ إذ المعنوية ينعقد بها جزما» (١).
ونقل عنه وعن غيره ابن تيمية ، ما نصه : «وأما الفقهاء وأهل الحديث والصوفية وطوائف من أهل الكلام من الرادين على المعتزلة والمرجئة والشيعة والكرامية وغيرهم فيطردون ما ذكر من الأدلة ، ويقولون : لا يكون فاعلا إلا بفعل يقوم بذاته وتكوين يقوم بذاته ، والخلق الذي يقوم بذاته غير الخلق الذي هو المخلوق ، وهذا هو ما ذكره الفقهاء من أصحاب أبي حنيفة والشافعي وأحمد ومالك في كتبهم ، كما ذكره فقهاء الحنفية كالطحاوي وأبي منصور الماتريدي» (٢).
وفى فتاوى الرملي : «أن الكلام القديم هو صفة الله تعالى يجوز أن يسمع بلا صوت ولا حرف ؛ كما يرى في الآخرة بلا كم ولا كيف ، وهذا هو المرجح في كلام الشيخ جلال الدين ، ومنع الأستاذ أبو إسحاق الأسفرائيني ذلك ، وهو اختيار الشيخ أبي منصور الماتريدي» (٣).
وتأثر اللاحقين بالماتريدي في الآراء الكلامية أكثر من أن تقوم به هذه الصفحات القليلة (٤) ، بل إنه يحتاج إلى دراسات مستفيضة ، وكيف لا وهو صاحب ذلك المذهب المعروف بمذهب الماتريدية في علم الكلام كما أوضحنا من قبل.
ثالثا : تأثير الماتريدي في علم الفقه :
امتد تأثير الماتريدي في لاحقيه إلى الفقه ، فقد أفاد منه العلماء في هذا المجال إفادة جمة ، وفي سبيل إثبات ذلك نذكر بعض النماذج الدالة ، منها ما ذكر صاحب بدائع الصنائع من «أنه إذا استيقظ فوجد على فخذه أو على فراشه بللا على صورة المذي ، ولم يتذكر الاحتلام ـ فعليه الغسل في قول أبي حنيفة ومحمد ، وعند أبي يوسف لا يجب ، وأجمعوا أنه لو كان منيّا أن عليه الغسل ؛ لأن الظاهر أنه عن احتلام ، وأجمعوا أنه إن كان وديا لا غسل عليه ؛ لأنه بول غليظ ، وعن الفقيه أبي جعفر الهندواني أنه إذا وجد على
__________________
(١) أنواء البروق (٣ / ٤٨) ، وانظر : (٣ / ٧).
(٢) الفتاوي (٦ / ٤٣٢).
(٣) فتاوي الرملي (٤ / ٣٥٣).
(٤) ينظر : الزواجر (١ / ١٦٤) ، وتحفة المحتاج (٩ / ٩٢) ، وغمز عيون البصائر (١ / ١٠٠) ، والفواكه الدواني (١ / ١٠٢) ، وبرقية محمودية (١ / ١٥٥) ، والبحر المحيط (١ / ٤١٩) ، (٣ / ١١٥ ، ١١٦) ، (٣ / ١٢٩) ، (٤ / ١٩٨) ، (٤ / ٢٤٨).