تنزل على أحد قبلى إلّا على سليمان بن داود فأخرج إحدى قدميه ، ثمّ قال له : بأىّ آية تفتتح بها القرآن؟ قال : ب (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ). فقال : هى هى» (١).
ففى هذا أنها آية من القرآن ، وأنها لو كانت من السور لكان يعلمه نيّفا ومائة آية لا آية واحدة.
ولو كانت منها أيضا ؛ لكان لا يجعلها مفتاح القرآن ، بل يجعلها من السور.
ثم الظاهر أن من لم يتكلف تفسيرها عند ابتداء السورة ثبت أنها ليست منها.
وكذلك ترك الأمة الجهر بها ، على العلم بأنه لا يجوز أن يكون رسول الله صلىاللهعليهوسلم يجهر بها ثم يخفى ذلك على من معه ، وأن يكونوا غفلوا ثم يضيعون سنّة بلا نفع يحصل لهم ، حتى توارثت الأمة تركها فيما يحتمل أن يكون الجهر سنة ثم يخفى ، فيكون فى فعل الناس دليل واضح أنها ليست من السور.
ودليل آخر على ذلك ما روى عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن الله أنه قال : «قسمت الصّلاة بينى وبين عبدى نصفين ، فإذا قال العبد : (الْحَمْدُ لِلَّهِ) إلى قوله : (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) (٤). فقال : هذا لى». وهى ثلاث آيات.
وقال بعد قوله : (اهْدِنَا) إلى آخرها : «هذا لعبدى» ، ثبت أنها ثلاث آيات ؛ لتستوى القسمة.
ثم قال فى قوله : (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) (٥) : «هذا بينى وبين عبدى نصفين» (٢).
__________________
ـ قال أبى لعمر بن الخطاب : إنى تلقيت القرآن ممن تلقاه من جبريل عليهالسلام وهو رطب. وقال ابن العباس : قال عمر : أقضانا على ، وأقرؤنا أبى ، وإنا لندع من قراءة أبى ، وهو يقول : لا أدع شيئا سمعته من رسول الله صلىاللهعليهوسلم وقد قال الله تعالى : (ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها).
وروى أبو قلابة ، عن أنس قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أقرأ أمتى أبى».
حدث عنه أبو أيوب الأنصارى وابن عباس وأبو هريرة وخلق كثير واختلف فى موته فقيل : مات سنة ٢٠ ه وقيل : سنة ١٩ ه وقيل سنة ٢٢ ه وقيل سنة ٣٠ ه وهو أثبتها. ينظر : تهذيب الأسماء واللغات (١ / ١٠٨ ـ ١١٠) طبقات القراء (١ / ٣١) أسد الغابة (١ / ٦١) الإصابة (١ / ٢٦) المعارف (٢٦١) دول الإسلام (١ / ١٦).
(١) أخرجه مالك (١ / ٨٣) كتاب الصلاة ، باب ما جاء فى أم القرآن (١) :
أن أبا سعيد مولى عامر بن كريز أخبره ... فذكره بنحوه ، ومن طريق آخر أخرجه البغوى فى تفسيره (١ / ٤٢ ـ ٤٣) ، عن أبى هريرة وله شاهد من حديث بريدة.
أخرجه الدار قطنى (١ / ٣١٠) ، والبيهقى (١٠ / ٦٢) ، وزاد السيوطى فى الدر المنثور (١ / ٢٦) ابن أبى حاتم والطبرانى ، وإسناده ضعيف.
(٢) أخرجه مالك (١ / ٨٤) كتاب : الصلاة ، باب : القراءة خلف الإمام ، الحديث (٣٩) ، وأحمد (٢ / ٢٨٥) ، ومسلم (١ / ٢٩٧) كتاب : الصلاة ، باب : وجوب قراءة الفاتحة ، الحديث (٣٩ ، ٤٠) ، ـ