الجزاء من شاء بلا فعل ، ولا صنع كان منه ؛ فضلا وكرامة ، وذلك فى العقل جائز إعطاء الثواب بلا عمل على الإفضال والإكرام.
وأما التعذيب فإنه غير جائز فى العقل بلا ذنب يرتكبه ، والله أعلم.
وقوله : (وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ).
الآية تنقض قول من جعل جميع الطاعات إيمانا ؛ لما أثبت لهم اسم الإيمان ، دون الأعمال الصالحات ، غير أن البشارة لهم ، وذهاب الخوف عنهم إنما أثبت بالأعمال الصالحات.
ويحتمل : الأعمال الصالحات : عمل القلب ، وهو أن يأتى بإيمان خالص لله ، لا كإيمان المنافق بالقول دون القلب.
وقوله : (أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ).
يعنى بساتين.
وقوله : (مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) قيل فيه بوجوه :
قيل : إن البساتين ليست هى اسم الأرض والبقعة خاصة ، ولكن ما يجمع من الأشجار ، وما ينبت فيها من ألوان الغروس المثمرة فعند ذلك يسمى بستانا.
وقوله : (تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) أى : من تحت أشجارها ، وأغراسها الأنهار.
وقيل : من تحتها : مما يقع البصر عليها ، وذلك أنزه عند الناس ، وأجلى ، وأنبل.
وقيل أيضا : من تحتها أى : من تحت ما علا منها [من القصور والغرف](١) ، لا تحت الأرض مما يكون فى الدنيا فى بعض المواضع يكون الماء تحت الأرض.
دليله [قوله صلىاللهعليهوسلم](٢) : «تحت كل شعرة جنابة» (٣) ؛ أى تحت ما علا ، لا تحت الجلد ؛
__________________
(١) سقط فى ط.
(٢) فى ط : ما روى أن.
(٣) أخرجه أبو داود (١ / ١٧١ ـ ١٧٢) كتاب : الطهارة ، باب : فى الغسل من الجنابة ، الحديث (٢٤٨) ، والترمذى (١ / ١٧٨) كتاب : الطهارة ، باب : ما جاء أن تحت كل شعرة جنابة ، الحديث (١٠٦) ، وابن ماجه (١ / ١٩٦) كتاب : الطهارة ، باب : تحت كل شعرة جنابة ، الحديث (٥٩٧) ، وابن عدى فى الكامل فى ضعفاء الرجال (٢ / ٦١٢) فى ترجمة الحارث ابن وجيه الراسبى ، وأبو نعيم فى حلية الأولياء (٢ / ٣٨٧) ، والبيهقى (١ / ١٧٥) كتاب : الطهارة ، باب : تخليل أصول الشعر بالماء ، كلهم من حديث الحارث بن وجيه ، عن مالك بن دينار ، عن محمد بن سيرين ، عن أبى هريرة ، عن النبى صلىاللهعليهوسلم قال : «إن تحت كل شعرة جنابة فبلوا الشعر» ، وفى لفظ : «فاغسلوا وأنقوا البشرة» ، وقال أبو داود : «الحارث بن وجيه حديثه منكر ، وهو ضعيف» ، وكذلك ضعفه الترمذى.
وقال البيهقى فى «معرفة السنن والآثار» (١ / ٤٣١ ـ ٤٣٢) كتاب : الطهارة ، باب : إيصال الماء إلى أصول الشعر : أنكره من أهل العلم بالحديث البخارى ، وأبو داود. وقال الشافعى : هذا الحديث ـ