والتجاوز ، وبعضه قريب من بعض.
وفى الآية : أنه إنما تاب عليه لكلمات تلقاها من ربه.
والآية تنقض على المعتزلة قولهم ؛ لأنهم يقولون : إن من ارتكب صغيرة فهو مغفور له لا يحتاج إلى الدعاء ، ولا إلى التوبة.
فآدم ـ عليهالسلام ـ دعا بكلمات ، تلقاها منه ؛ فتاب عليه. ولو كان مغفورا له ما ارتكب لكان الدعاء فضلا وتكلفا ، وبالله التوفيق.
والكلمات هى ما ذكرت فى سورة أخرى : (رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا ...) الآية [الأعراف : ٢٣].
وقوله : (إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ).
أى : قابل التوبة.
وقيل (١) : أى موفق التوبة ، وهادى لها ؛ كقوله : (غافِرِ الذَّنْبِ وَقابِلِ التَّوْبِ) [غافر : ٣] وقد ذكرنا فى قوله : (فَتابَ عَلَيْهِ) [البقرة : ٣٧] ما احتمل فيه.
(الرَّحِيمُ) بالمؤمنين ، ورحيم بالتائبين.
وقوله : (قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْها جَمِيعاً).
ذكر هبوطهم جميعا ؛ فإذا هبطوا فرادى لم يخرجوا من الأمر ، بل كانوا فى الأمر ، فدل أن الجمع فى الأمر ، والذكر ، لا يصيّر الجمع فى الفعل شرطا.
وقوله : (فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً).
أى : ليأتينكم. وهذا جائز فى اللغة.
وقوله : (فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ).
أى : من تبع هداى ، ودام عليه حتى مات ، فلا خوف عليهم ، ولا هم يحزنون وكذلك قوله : (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ فَلا يَضِلُ) : فى الدنيا ، (وَلا يَشْقى) [طه : ١٢٣] فى الآخرة ، إذا مات عليه.
وهذه الآية والتى تليها وهو قوله : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ).
تنقض على الجهمية ؛ لأنهم يقولون بفناء الجنة والنار ، وانقطاع ما فيهما.
__________________
ـ ينظر : القليوبى (٤ / ٢٠١) ، الآداب الشرعية (١ / ٩٨) ، إحياء علوم الدين للغزالى (٤ / ٣) ، تفسير الألوسى (٢٨ / ١٥٨) ، الجمل (٥ / ٣٨٧) ، مدارج السالكين (١ / ٣٠٥ ، ٣٠٧ ، ٣٠٩).
(١) ذكره القرطبى فى الجامع (١ / ٢٢٢).