وقوله : (وَلا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ).
قيل فيه بوجهين :
قيل : لا يكون لهم شفعاء يشفعون ؛ كقوله : (فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ) [الشعراء : ١٠٠] وكقوله : (ما لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا شَفِيعٍ) [السجدة : ٤].
وقيل : لو كان لهم شفعاء لا تقبل شفاعتهم ؛ كقوله : (فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشَّافِعِينَ) [المدثر : ٤٨] أى : لا يؤذن لهم بالشفاعة ؛ كقوله : (وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى) [الأنبياء : ٢٨].
وقوله : (وَلا يُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ).
والعدل : هو الفداء ، إما من المال ، وإما من النفس.
وذلك أيضا يحتمل وجهين :
يحتمل : ألا يكون لهم الفداء ، على ما ذكرنا فى الشفيع.
ويحتمل : أن لو كان لا يقبل منهم ؛ كقوله : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذابِ يَوْمِ الْقِيامَةِ ما تُقُبِّلَ مِنْهُمْ) [المائدة : ٣٦].
ثم الوجوه التى تخلص المرء فى الدنيا إذا أصابته نكبة بثلاث :
إما بفداء يفدى عنه ـ مالا أو نفسا ـ وإما بشفعاء يشفعون له ، وإما بأنصار ينصرون له ؛ فيتخلص من ذلك.
فقطع ـ عزوجل ـ عنهم جميع وجوه التخلص فى الآخرة.
والآية نزلت (١) ـ والله أعلم ـ فى اليهود والنصارى ، وهم كانوا يؤمنون بالبعث ، والجنة ، والنار ؛ كقوله : (وَقالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى) [البقرة : ١١١] ، وقوله : (لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ) [آل عمران : ٢٤].
ولذلك ذكر اسم الفداء والشفيع ، وما ذكر ، وأما من لم يؤمن بالآخرة فلا معنى لذكر ذلك.
وقوله : (وَإِذْ نَجَّيْناكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ).
قيل : آل الرجل : شيعته ؛ ولذلك قيل : آل رسول الله : قرابته.
وقيل (٢) : كل مؤمن فهو من آله ، وعلى ذلك الأمر بالصلاة عليه وعلى جميع من آمن به.
__________________
(١) وهذا يفهم من سياق الكلام.
(٢) قاله القرطبى فى تفسيره (١ / ٢٦٠) بنحوه.