وقوله : (يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ يُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ).
قيل فيه بوجهين :
قيل : يقصدونكم أشد العذاب. وذلك يرجع إلى الاستعباد ، والاستخدام بأنفسهم.
وقيل (١) : يسومونكم ، يذيقونكم أشد العذاب ، وذلك يرجع إلى ما يسوءهم من تذبيح الأبناء وتقتيلهم ، كقوله : (يُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ) [البقرة : ٤٩ ، إبراهيم : ٦] أى : يقتلون أبناءكم.
وقوله : (وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ).
يحتمل أيضا وجهين :
يحتمل : يستحيون من الحياء ، أى : استحيوا قتل النساء ، لما لا يخافهن.
ويحتمل من الإحياء ، أى : تركوهن أحياء فلم يقتلوهن.
وقوله : (وَفِي ذلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ).
قيل (٢) : البلاء ـ ممدود ـ هو النعمة ، كأنه قال : فيما ينجيكم من فرعون وآله نعمة عظيمة.
وقيل (٣) : البلا ـ مقصور ـ هو الابتلاء والامتحان ؛ كأنه قال : فى استعباده إياكم واستخدامه امتحان عظيم.
وقوله : (وَإِذْ فَرَقْنا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْناكُمْ وَأَغْرَقْنا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ).
قيل (٤) : فرقنا ، أى : جعلنا لكم البحر فرقا ، أى : طرقا تمرون فيه.
وقيل : فرقنا ، أى : جاوزنا بكم البحر.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَإِذْ واعَدْنا مُوسى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً).
كان الوعد لهم ـ والله أعلم ـ وعدين :
أحدهما : من الله ـ عزوجل ـ بصرف موسى إليهم مع التوراة ، كقوله : (أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً) [طه : ٨٦] أى : صدقا.
ووعد آخر ، كان من موسى بانصرافه إليهم بالتوراة على رأس أربعين ليلة ، كقوله :
__________________
(١) قاله ابن جرير (١ / ٣٠٩) والبغوى (١ / ٦٩) ، والقرطبى (١ / ٢٦١).
(٢) أخرجه ابن جرير عن ابن عباس (٩٠٠) والسدى (٩٠١) ومجاهد (٩٠٢ ، ٩٠٣) وابن جريج (٩٠٤) ، وانظر الدر المنثور (١ / ١٣٤).
(٣) قاله البغوى (١ / ٧٠).
(٤) أخرجه ابن جرير (٩٠٥) عن السدى بنحوه وعزاه السيوطى فى الدر (١ / ١٣٤) لعبد بن حميد عن قتادة.