مجرد عمال لا ولاة ينفردون بالسلطة المطلقة ، وهو ما يفرق بين النظام الإداري العباسي والأموي ، حيث كان ولاة الدولة الأموية يتمتعون بنفوذ كبير وسلطة لا يغلها استبداد الخليفة ، فلا غرو أن اقتصرت وظيفة الوالي في بداية تاريخ الدولة العباسية على الصلاة وقيادة الجند (١).
ودرج الخلفاء العباسيون على اختيار العمال أو الولاة من بين أفراد البيت العباسي أو من بين كبار القادة ، «غير أن هؤلاء وأولئك آثروا البقاء في بغداد أو في سامراء ، وأنابوا عنهم نوابا يحكمون هذه الولايات باسمهم. ولم يكن هذا التقليد شديد الخطر على الدولة العباسية وهي في قوتها ، على أنه لما ضعفت السلطة المركزية ساءت الحالة في هذه الولايات ، وجنح بعض نواب الولاة إلى الاستقلال ، فظهرت في مصر الدولتان الطولونية والإخشيدية ، وظهرت في المشرق الدول : الطاهرية ، والصفارية والسامانية» (٢).
ب ـ الدواوين :
كلمة الديوان كلمة فارسية تعني السجل يكتب فيه ما يختص بشئون الإدارة. ثم أصبحت تدل على المكان الذي يعمل فيه الكتاب على اختلاف مهامهم (٣).
وتشبه الدواوين في نظامها وأعمالها الوزارات في العصر الحاضر.
وأول من دون الدواوين في الدولة الإسلامية هو عبد الملك بن مروان. ثم كثرت الدواوين في العصر العباسي لتنظيم شئون الدولة ، ومنها : ديوان الخراج ، وديوان الجند ، وديوان الموالي والغلمان ، وديوان البريد ، وديوان زمام النفقات ، وديوان الدية ، وديوان الرسائل ، وديوان الحوائج ، وديوان المنح ، وديوان الأكرة للإشراف على الترع والجسور وشئون الري (٤).
ويرجع الفضل في تنظيم إدارة الدواوين في العصر العباسي الأول إلى خالد بن برمك ، كما يرجع الفضل في إنشاء ديوان الزمام إلى المهدي لجمع ضرائب العراق ، وهو أول من أحدث هذا الديوان (٥).
__________________
(١) ينظر السابق (٢ / ٢٦٥).
(٢) ينظر : السابق (٢ / ٢٦٧).
(٣) السيد عبد العزيز سالم ، العصر العباسي الأول ٢٦٤ ، ٢٦٥ ، وانظر في سبب التسمية الأحكام السلطانية ١٩٩.
(٤) ينظر : تاريخ الإسلام (٢ / ٢٦٨).
(٥) السيد عبد العزيز سالم ، العصر العباسي الأول ٢٦٥.