أى : ذلك الإخراج محرم عليكم.
وقوله : (وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسارى تُفادُوهُمْ ...).
الآية ـ وإن كانت مؤخرة فى الذكر ـ فهى مقدمة ؛ كأنه قال : لا تسفكون دماءكم ولا تخرجون أنفسكم ، وإن يأتوكم أسارى تفادوهم.
وقوله : (أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ).
آمنوا بالمفاداة من الأسارى ، وكفروا بالإخراج وسفك الدماء.
ويحتمل : الإيمان ببعض ما فى التوراة ، وكفروا ببعضها ، وهو نعت محمد صلىاللهعليهوسلم وصفته ؛ إذ لم يكن على موافقة مرادهم.
ويحتمل : أن فادوا أسراهم من غيرهم ، وسبوا ذرارى غيرهم.
وقوله : (فَما جَزاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يُرَدُّونَ إِلى أَشَدِّ الْعَذابِ).
قيل (١) : الخزى فى الدنيا إجلاء بنى النضير من ديارهم ، وإخراجهم إلى الشام.
وقيل (٢) : مقاتلة بنى قريظة ، وسبى ذراريهم ، وذلك لحرب وقع بينهم ، والله أعلم.
ويحتمل قوله : (فَما جَزاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا). ولكن لا يعاقبون فى الدنيا ، بل يردون إلى أشد العذاب فى الآخرة ، وإن استوجبوا ذلك فى الدنيا ؛ كقوله : (إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ ...) الآية [إبراهيم : ٤٢].
وقوله : (وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ).
وعيد. قد ذكرنا ذلك فيما تقدم.
وقوله : (أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَياةَ الدُّنْيا بِالْآخِرَةِ فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ).
يحتمل : أنهم كانوا آمنوا بمحمد صلىاللهعليهوسلم قبل خروجه وبعثه ، فلما بعث على خلاف مرادهم كفروا به ، فذلك اشتراء الحياة الدنيا بالآخرة.
ويحتمل : ابتداء اختيار الضلال على الهدى ، والحياة الدنيا على الآخرة ، من غير أن آمنوا به ، والله أعلم.
قوله تعالى : (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَقَفَّيْنا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ وَأَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أَفَكُلَّما جاءَكُمْ رَسُولٌ بِما لا تَهْوى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ
__________________
(١) قاله ابن جرير (١ / ٤٤٦).
(٢) ينظر السابق.