٣ ـ العنصر التركي :
ازداد نفوذ الفرس في الدولة العباسية ، وأصبحوا يمثلون خطرا كبيرا على سلطة الخلفاء العباسيين ، فلم يجد العباسيون مناصا من الاعتماد على عنصر جديد يثقون في ولائه ومناصرته لهم ، فاستعان المعتصم بالعنصر التركي وأدخله إلى المجتمع العباسي. غير أن هذا العنصر استبد بالأمور دون الخلفاء منذ عصر المتوكل «٢٣٢ ـ ٢٤٧ ه» ، وغدا الترك أصحاب السلطان الحقيقي في الدولة ، والخلفاء ألعوبة في أيديهم.
٤ ـ المولدون :
نشأ نتيجة الاختلاط بين العناصر السابقة عنصر جديد لم يكن موجودا من قبل ، وهذا العنصر هو المولدون ، وكان لهؤلاء مميزات وصفات مختلفة في أجسامهم وعقولهم وأفكارهم ، وأثر لا ينكر في الحياة الاجتماعية والعلمية.
٥ ـ اليهود والنصارى :
وعلى الرغم من أن هؤلاء كانوا قلة في المجتمع العباسي إلا أنهم تمتعوا بكافة الحقوق في ظل التسامح الديني الذي دعا إليه الإسلام ، فكانوا يقيمون شعائرهم الدينية في حرية كاملة ، ويعيشون في طوائف منفصلة عن بعضها مختلطين مع المسلمين ، فلم يكن لهم في المدن الإسلامية أحياء مخصصة إلا إذا آثروا الحياة في أحياء خاصة بهم ، فتتكون تلقائيّا لهم أحياء خاصة.
طبقة الرقيق :
كثرت هذه الطبقة في المجتمع العباسي كثرة ظاهرة ، فنشأت أسواق خاصة بهم في بغداد ، وامتلأت قصور الخلفاء والأغنياء والحكام بالجواري. كما عني العباسيون بتهذيبهن وتعليمهن ضروبا من الفنون لا سيما الشعر والغناء.
ونعم الرقيق في ظل الدولة العباسية بكافة حقوق المواطنة التي كان يتمتع بها سائر طبقات المجتمع من الأحرار ، وحسبك دليلا على صدق ما نقول أن كثيرا من أمهات الخلفاء العباسيين كن من الرقيق.
وكان ذلك بفضل ما أرساه الإسلام من مبادئ العدل والمساواة دون تمييز بين عربي وعجمي أو حر وعبد ، فالكل سواء في الحقوق الإنسانية (١).
__________________
(١) انظر فيما سبق : ضحى الإسلام (١ / ٥) ، وتاريخ الإسلام السياسي (٢ / ٣٣٤).