هذه الآية (١).
وفيها لغتان : «لا تسأل» بنصب التاء (٢) وهو ما ذكرنا.
ويحتمل وجها آخر : أى لا تشتغل بأصحاب الجحيم ؛ فإن ذلك تكلف منك وشغل.
وفيها لغة أخرى برفع التاء (٣) : (وَلا تُسْئَلُ عَنْ أَصْحابِ الْجَحِيمِ) ، أى : لا تسأل أنت يا محمد عن ذنوب أصحاب الجحيم ؛ وهو كقوله : (وَلا تُسْئَلُونَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ) [البقرة : ١٣٤ ، ١٤١] ، وكقوله : (عَلَيْهِ ما حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ ما حُمِّلْتُمْ) [النور : ٥٤] ، وكقوله : (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) [الأنعام : ١٦٤ ، الإسراء : ١٥ ، فاطر : ١٨ ، الزمر : ٧] ونحوه.
وقوله : (وَلَنْ تَرْضى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصارى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ).
اختلف فى الملة :
قيل الملة : السنة ؛ كقوله : «بسم الله ، وعلى ملة رسول الله» (٤) ، وكقوله (اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً) [النحل : ١٢٣].
وقيل الملة : الدين ، كقوله عليهالسلام : «لا يتوارث أهل الملتين» (٥).
وقيل : الملة هاهنا : القبلة ، وهو كقوله : (وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ بِكُلِّ آيَةٍ ما تَبِعُوا قِبْلَتَكَ) [البقرة : ١٤٥].
آيس ـ عزوجل ـ رسوله صلىاللهعليهوسلم عن اتباع أولئك دينه وقبلته ؛ لأنهم يختارون الدين ، والقبلة ؛ بهوى أنفسهم ، لا بطلب الحق ، وظهوره ، ولزوم الحجة.
وذلك : أن النصارى إنما اختاروا قبلتهم المشرق ؛ لأن مكان الجبل الذى كان فيه
__________________
(١) أخرجه وكيع وسفيان بن عيينة وعبد الرزاق وعبد بن حميد ، وابن جرير (١٨٧٧ ، ١٨٧٨) ، وابن المنذر عن محمد بن كعب كما فى الدر المنثور (١ / ٢٠٩) وقال السيوطى : هو مرسل ضعيف الإسناد.
وأخرجه ابن جرير (١٨٧٩) عن داود بن أبى عاصم ، وقال السيوطى فى الدر (١ / ٢٠٩) : معضل الإسناد ضعيف لا يقوم به ولا بالذى قبله حجة.
(٢) ينظر : البحر المحيط (١ / ٣٦٨) ، والتبيان (١ / ٤٣٦) ، والحجة لأبى زرعة (١١١) ، والمعانى للأخفش (١ / ١٤٦).
(٣) ينظر : البحر المحيط (١ / ٣٦٧) ، وتفسير الرازى (١ / ٤٧١) ، والكشاف للزمخشرى (١ / ٩١) ، وتفسير الطبرى (٢ / ٥٦٠).
(٤) أخرجه أحمد (٢ / ٦٩) ، والنسائى فى الكبرى (٦ / ٢٦٨) ، وابن حبان (٧٧٢ ، ٧٧٣ ـ موارد) ، وأبو يعلى (٥٧٥٥) ، والحاكم (١ / ٣٦٦) ، وصححه عن ابن عمر.
(٥) أخرجه أحمد (٢ / ١٧٨ ، ١٩٥) ، وأبو داود (٢ / ١٤٠) ، كتاب الفرائض ، باب هل يرث المسلم الكافر (٢٩١١) ، وابن ماجه (٤ / ٢٩١) ، كتاب الفرائض ، باب ميراث أهل الإسلام من أهل الشرك (٢٧٣١) ، وابن الجارود (٩٦٧) ، عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده.