مُسْتَقِيمٍ) [البقرة : ١٤٢] ، وقال : فأينما تولوا وجوهكم شطره ، فثم وجه الله. فيقطع عذرهم وحجاجهم بما بين فى كتب لهم أنه يحولهم. وذلك معنى قوله : (لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ).
وقوله : (إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ).
ثم اختلف فى قوله : (لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ).
قيل : أراد ب «الناس» أهل الكتاب ، وأراد ب «الذين ظلموا» غيرهم من الكفرة.
وتأويله : لئلا يكون لأهل الكتاب عليكم حجة ، ولا الذين ظلموا.
وقيل : (لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ) يعنى أهل الكتاب (عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ) فيقولوا : ليس هذا الوصف فى كتبهم أنه يصلى إلى بيت المقدس وقتا ثم يتحول إلى الكعبة ، (إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ) يقول : إلا من ظلم منهم عليكم فى الكلام بلا حجة ولا دليل فيقولوا : ليس هذا الوصف. ومثل هذا جائز فى الكلام ، يقول لآخر : ليس لك على حجة إلا أن تظلمنى بلا حجة.
وقال الفراء : هذا كما يقول الرجل لآخر : الناس لك حامدون إلا الظالم المتعدى عليك ، صواب فى المعنى ، خطأ فى العربية. وذكر بيتا يدل على الجواز.
ما بالمدينة دار غير واحدة |
|
دار الخليفة إلا دار مروان (١) |
بمعنى : ولا دار مروان.
وقيل أيضا : (إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي) على القطع من الأول والابتداء بهذا ، أى : لا تخشوا الذين ظلموا فى الضرر لكم ، ولكن اخشونى فى ترككم إياها ، وأن يقال : لا تخشوهم بالقتال والغلبة ، فذلك لهم منه أمن وإظهار على الأعداء ، وعلى هذا يخرج قوله : (وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ) يعنى الأمن من الأعداء ، [ولا نعمة أعظم من الأمن وإظهار الحق كقوله : (أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي) [المائدة : ٣] قيل : هو الأمن من الأعداء](٢) أو أراد بالنعمة كل نعمة من الإسلام ، والنصر ، وغيره.
(وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) القبلة.
(وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) الإرشاد والصواب.
__________________
(١) البيت للفرزدق فى الكتاب (٢ / ٣٤٠) ، وليس فى ديوانه ، وبلا نسبة فى تذكرة النحاة ص (٥٩٦) ، والجنى الدانى ص (٥١٩) ، والمقتضب (٤ / ٤٢٥).
(٢) ما بين المعقوفين سقط فى أ ، ط.