وقوله : (كَما أَرْسَلْنا فِيكُمْ رَسُولاً مِنْكُمْ يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِنا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ).
(كَما) حرف لا يصح ذكره إلا على تقدم كلام ؛ إذ هو حرف عطف ونسق ، وهو ـ والله أعلم ـ كما أرسلنا إليكم رسولا ، وأنعم عليكم بمعرفة وحدانيته وبمعرفة محاجة الكفرة وأنعم عليكم بإكرامه إياكم بمحمد صلىاللهعليهوسلم ، كذلك يجب عليكم أن تذكروه وتشكروا له.
ويحتمل على التقديم والتأخير على ما قاله أهل التفسير : كأنه قال : فاذكرونى كما أرسلنا فيكم رسولا منكم ، وذلك فى القرآن كثير.
قال الفراء : يحتمل : كما أرسلنا فيكم رسولا منكم أذكركم ، فيكون فيه جوابه ؛ لذلك جزم ، وهذا كقول الرجل : كما أحسنت فأحسن.
وقوله : (وَيُزَكِّيكُمْ) ، قال ابن عباس ـ رضى الله عنه ـ : يأخذ زكاة أموالكم (١) ، ففيه زكاتهم (٢).
وقيل : (وَيُزَكِّيكُمْ) يدعوكم إلى ما به زكاة أنفسكم وصلاحها ، وهو التوحيد ، وقد ذكرنا هذا فيما تقدم.
وقوله : (وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتابَ) هو القرآن.
(وَالْحِكْمَةَ) ، قيل فيه بوجوه :
قيل : «الحكمة» : الفقه.
وقيل : «الحكمة» : الحلال والحرام.
وقيل (٣) : «الحكمة» : السنة.
وقيل (٤) : «الحكمة» المواعظ.
وقيل : «الحكمة» : هى الإصابة ؛ ومنه سمى الحكيم حكيما ؛ لأنه مصيب.
وقال الحسن : (الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ) : واحد ، وهو على التكرار ؛ كقوله : (تِلْكَ آياتُ الْقُرْآنِ وَكِتابٍ مُبِينٍ) [النمل : ١] ، وهما واحد.
وقوله : (وَيُعَلِّمُكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ) من التوحيد والشرائع ، والمحاجة مع الكفرة ،
__________________
(١) فى ط : أموالهم.
(٢) تقدم
(٣) انظر تفسير البغوى (١ / ١٢٨).
(٤) ينظر : التخريج السابق.