ولن نحصي ما أثنى عليه به العلماء ، ومن ثم نقتطف بعض الومضات الكاشفة عن تقدير العلماء له والمبرزة لمكانته العالية عندهم.
ففي الفواكه الدواني يأتي الماتريدي وأبو الحسن الأشعري على رأس علماء أهل السنة ، فيقول : «كذلك عند أهل السنة وإمامهم أبي الحسن الأشعري وأبي منصور الماتريدي» (١).
قال صاحب النشر الطيب على شرح الشيخ الطيب الوزاني عند كلامه عن الماتريدي : «وكان معاصرا للأشعري ، وسبقه إلى نصرة أهل السنة» (٢).
والفرقة الناجية ـ كما يرى بعض العلماء ـ هم الأشاعرة مع الماتريدية الذين تابعوا في الأصول علم الهدى الشيخ أبي منصور الماتريدي (٣).
ويراه بعضهم رئيس مشايخ سمرقند ، قال صاحب كشف الأسرار : «وهو مذهب مشايخ سمرقند ، رئيسهم الشيخ الإمام أبو منصور الماتريدي رحمهمالله» (٤).
وقال عنه التميمي : إنه قد فاق الأقران وتجمل به الزمان ، وشاعت مؤلفاته ، وسارت مصنفاته ، واتفق الموافق والمخالف على علو قدره وعظمة محله ، فإنه كان من كبار العلماء الأعلام الذين بعلمهم يقتدى وبنورهم يهتدى.
قال التفتازاني : إن المشهور من أهل السنة في ديار خراسان والعراق والشام وأكثر الأقطار هم الأشاعرة أصحاب أبي الحسن الأشعري ، أول من خالف أبا علي الجبائي ورجع عن مذهبه إلى السنة.
وفي ديار ما وراء النهر الماتريدية أصحاب أبي منصور الماتريدي ، وهو محمد بن محمد ، كان يلقب بإمام الهدى (٥).
ويقول أبو معين النسفي في التبصرة : ولو لم يكن في الحنفية إلا الإمام أبو منصور الماتريدي الذي غاص في بحور العلم ، واستخرج دررها وأتى حجج الدين ، فزين
__________________
(١) ينظر : الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل (١ / ١٥).
(٢) ينظر : الفواكه الدواني (٢ / ١٠٣) ، حاشية الجمل على المنهج (٥ / ٣٨٧) ، وحاشية العطار على شرح الجلال المحلي (٢ / ٤٩٢) ، والزواجر عن اقتراف الكبائر (١ / ١٦٥).
(٣) ينظر : فتوح الوهاب (السابق) (٥ / ٣٨٧) ، ورد المحتار على الدر المختار (١ / ٤٣) ، وبدائع الصنائع (١ / ٣٧ ، ١٣٥).
(٤) ينظر : كشف الأسرار (١ / ٢٩٧).
(٥) ينظر : الروضة البهية ص ٤٠٣.