بفصاحته ، وغزارة علومه ، وجودة قريحته غررها ، حتى أمر الشيخ أبو القاسم الحكيم السمرقندي أن يكتب على قبره حين توفي : هذا قبر من حاز العلوم بأنفاسه واستنفد الوسع في نشره وأقياسه ، فحمدت في الدين آثاره ... اجتمع عنده وحده من أنواع العلوم الملية والحكمية ما يجتمع في العادات الجارية في كثير من المبرزين المحصلين ؛ ولهذا كان أستاذه أبو نصر العياضى لا يتكلم في مجالسه ما لم يحضر ، وكان كل من رآه من بعيد نظر إليه نظر المتعجب وقال : (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ)(١) [القصص : ٦٨].
ويذكر أيضا أنهم قالوا في تقديره : كان من أكابر الأئمة وأوتاد الملة.
وقال الكفوي في ترجمته : إمام المتكلمين ومصحح عقائد المسلمين ، نصره الله بالصراط المستقيم ، فصار في نصرة الدين القويم ، صنف التصانيف الجليلة ، ورد أقوال أصحاب العقائد الباطلة.
قال صاحب الروضة البهية : اعلم أن مدار جميع عقائد أهل السنة والجماعة على كلام قطبين : أحدهما : الإمام أبو الحسن الأشعري ، والثاني : الإمام أبو منصور الماتريدي ، فكل من اتبع واحدا منها اهتدى وسلم من الزيغ والفساد في عقيدته (٢).
وقال العلامة الدردير : واشتهر الأشاعرة بهذا الاسم ـ أي أهل السنة ـ في ديار خراسان والعراق والحجاز والشام وأكثر الأقطار. وأما ديار ما وراء النهر فالمشهور فيها بهذا الاسم هو أبو منصور الماتريدي وأتباعه المعرفون بالماتريدية ، وكلام الفريقين على هدى ونور (٣).
وفي مفتاح السعادة : إن رئيس أهل السنة والجماعة في علم الكلام رجلان : أحدهما : حنفي ، والآخر : شافعي ، أما الحنفي : فهو أبو منصور محمد بن محمد بن محمود الماتريدي إمام الهدى ... وأما الآخر الشافعي : فهو شيخ السنة ورئيس الجماعة إمام المتكلمين ، وناصر سنة سيد المرسلين والذاب عن الدين ، والساعي في حفظ عقائد المسلمين أبو الحسن الأشعري البصري(٤).
ويرى الشيخ محمد زاهد الكوثري : أنه إذا أطلق أهل السنة فالمراد بهم الأشاعرة
__________________
(١) ينظر : تبصرة الأدلة (١ / ٣٩٢).
(٢) ينظر : الروضة البهية فيما بين الأشاعرة والماتريدية (١١٧٢).
(٣) ينظر : شرح الخريدة البهية ص (١٠٢).
(٤) ينظر : مفتاح السعادة لطاش كبرى زاده ج ٢ ص ١٥١.