ووجه هذا الاضطراب هو ما ذكرنا من عدم صحة التعليل بالمعنى المتبادر في بدو الأمر فعبروا في تعبير كتابا موقوتا أنها فريضة مفروضة ففي روايات أهل البيت (ع) تصريحات ببطلان التوقيت بمعناه الحقيقي ومحصل تلك الروايات التعرض ببطلان ما يتوهم في بدو النظر انها فرض موقت بل ثبوت الواجب ووجوب الأوقات أيضا.
في تفسير العياشي عن منصور بن خالد قال سمعت أبا عبد الله (ع) وهو يقول (إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً) قال لو كان موقوتا كما يقولون فهلك الناس ولكان الأمر ضيقا ولكنها كانت على المؤمنين موجوبا وفيه عن أبي جعفر وأبي عبد الله (ع) قال سألته عن قول الله (إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً) قال كتاب واجب انه ليس مثل وقت الحج ورمضان إذا فاتك فقد فاتك وأن الصلاة إذا صليت فقد صليت وفي رواية أخرى عن الكليني بإسناده عن داود بن فرقد قال قلت لأبي عبد الله (إِنَّ الصَّلاةَ) ـ الى آخره ـ قال كتابا ثابتا وليس أن عجلت ليلا أو أخرت قليلا بالذي يضرك ما لم تضيع تلك الإضاعة.
أقول قد صرح (ع) بالتعليل المذكور وان الصلاة كتاب واجب وكتاب ثابت وكتاب موجوب مع العناية البالغة بوجوب الوقت أيضا وأن الوقت عن حدود الصلاة مع فرق بين كونه قيد الصلاة وبين كونه قيد الحج والصوم وإبقاء الكتاب على معناه وتقييده بالواجب والثابت وهذا استنباط لطيف في نهاية الدقة ولعله (ع) استظهره من حيث وقوع الآية بعد بيان صلاة الخوف والمطاردة في مقام التعليل لعدم سقوطها في شيء من الحالات مع التعرض ان الآية ليست في مقام التوقيت كما يتوهمون وليس السياق في مقام تشريع الصلاة من حيث الوقت.
فإطلاق المكتوبة على الفرائض اليومية لأنها من أوضح أنواع المكتوبة لا انها هي المكتوبة فقط دون غيرها فلا يتم الاستدلال في المقام بما في بعض الروايات من التعبير عن الفرائض بالمكتوبة ضرورة ان كونها مكتوبة لا ينافي كون غيرها مكتوبة أيضا لما ذكرنا من عدم اختصاص العناية الملحوظة بالفرائض دون غيرها. وذكر بعض المفسرين في المقام أن الوقت في الصلاة كناية عن الثبات وعدم التغير من باب إطلاق الملزوم وارادة اللازم انتهى.
قد تحصل من جميع ما ذكرنا ان قوله تعالى (فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ) الآية ليس في مقام تشريع الصلاة وبيان وجوبها ضرورة ان مورد الآية الكريمة انما هي بعد الفراغ عن وجوب الصلاة وبيان عدة من أحكامها في حال الحرب والسفر والخوف لا في مقام بيان أن الصلاة مضروبة على أوقاتها المعنية بل