مفاد التذكر الى وجوب الصلاة لا بيان فرض الصلاة ولا بيان مواقيتها كما توهمه جمع من المفسرين قال الجصاص في أحكام القرآن ج ٢ ص ٣٢٤ وروي عن عبد الله بن مسعود انه قال ان للصلاة وقتا كوقت الحج ـ الى ان قال ـ وعن ابن عباس ومجاهد وعطية مفروضا ـ الى ان قال ـ قال أبو بكر الجصاص انتظم ذلك إيجاب الفرض ومواقيته لان قوله تعالى (كِتاباً) معناه فرضا وقوله تعالى (مَوْقُوتاً) معناه انه مفروض في أوقات معلومة معينة فأحمل ذكر الأوقات في هذه الآية وبينها في مواضع أخرى من الكتاب انتهى ما أردناه ، وقريب منه عبارة غيره.
وصرح جمع من المفسرين ان معنى فرض في قوله تعالى (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ) والعناية في ذلك ان المكتوب حيث انه ثبت على الصحف والألواح عبر عن الواجب بالمكتوب بعناية ثبوته وتحققه في وعاء التشريع.
أقول أن الكتابة مع جميع ما لوحظ فيها من تقرر المكتوب وتحققه وتنزيل الواجب منزلة المكتوب من حيث الثبوت لا يدل على أزيد من الثبوت والتقرير في صحيفة التشريع والأحكام كلها كذلك مكتوب وثابت بحسب تقرره وتحققه في وعاء التشريع وفي صحيفة الجعل واستعمال كتب في غير الفرض غير عزيز في الكتاب والسنة اما استعماله في الندب مثل قوله تعالى (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ) (البقرة ١٨٠) فالآية بقرينة ذيلها (حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ) تدل على استحباب الوصية للاقربين استحبابا مؤكدا وكذلك استعماله في الوضعيات مثل قوله (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ) (البقرة) (وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ.) الآية (المائدة ٤٥) فكتابة الحكم لا يستلزم الوجوب ولا ينافي الاستحباب فكلاهما مكتوب ومجعول ومثبت في لوح التشريع لا يزول ولا يمحى الا بناسخ ينسخه وكذلك الأمور الوضعية والقوانين الجزائية فاستفادة الوجوب والندب والوضع والتكليف (من كتب وكتابا) محتاج إلى قرائن أخرى.
قال الشيخ (قده) في تبيانه ص ٣١٢ طبع النجف وقوله (إِنَّ الصَّلاةَ) الآية اختلفوا في تأويلها فقال قوم معناه ان الصلاة كانت على المؤمنين فريضة مفروضة ذهب إليه عطية العوفي وابن عباس وابن زيد والسدي ومجاهد وهو المروي عن أبي جعفر وأبي عبد الله (ع) وقال آخرون كانت على المؤمنين فرضا واجبا ذهب اليه الحسن ومجاهد في رواية وابن عباس في رواية وأبو جعفر في رواية والمعنيان متقاربان بل هما واحد انتهى.
في تفسير أبي السعود (مَوْقُوتاً) قيل فرضا مقدرا في الحضر اربع ركعات وفي السفر ركعتين انتهى.