أقول التدبر في الآيات الكريمة بعد التدبر في ما ذكرنا من البيان في تفسير المقام يعطي ان مورد المحافظة فيها هي الفرائض أيضا وحكم المحافظة حكم إرشادي.
قوله تعالى (وَالصَّلاةِ الْوُسْطى) عطف على الصلاة وتخصيصها وأفرادها بالذكر بخصوصها للاهتمام الأكيد بها وفي هذه العناية دلالة على فضلها بخصوصها زيادة على ما سواها والوسطى مؤنث أوسط نعت لهذه الصلاة ومعنى الوسطية هي الوسطية من حيث العدد بحيث يكون طرفاه متساويين من حيث العدد وهذا هو الظاهر من الآية فإن الوسطية بمعنى الأفضلية وان استعمل في القرآن الكريم الا ان هذا الاستعمال بمعونة القرائن المتحفة به ولا قرينة في المقام بل في المقام ما يلوح به خلافه فإن الأفضلية بحسب الكتاب العزيز انما يستدل عليها بهذه الآية ولا دليل على أفضلية الوسطى قبل مرتبة هذه الآية كي تكون الآيات في مقام إيجاب المحافظة عليها واما تعيين الوسطى.
المسألة الثالثة في تعيين صلاة الوسطى وقد كثرت الأقوال في تعيينها وقال في المنار أن فيها ثمانية عشر قولا.
أقول هذه الأقوال مستندة الى وجوه ضعيفة والى اخبار مختلفة مروية عن طرق العامة لا جدوى في التعرض لها ولنقلها وقال في المجمع في ضمن ذكر الأقوال وسادسها إنها احدى الصلاة الخمس لم يعينها الله وأخفاها في جملة الصلوات الخمس المكتوبة كما أخفى ليلة القدر في ليالي شهر رمضان واسمه الأعظم في جميع الأسماء وساعة الإجابة في ساعات الجمعة عن الربيع بن خيثم وأبي بكر الوراق انتهى.
أقول هذا القول أضعف الأقوال المذكورة في هذا الباب لمخالفته لجميع الروايات المنقولة سندا لهذه الأقوال سيما الروايات المعتبرة المروية عن أهل البيت (ع) مع ضعفه في حد نفسه فإنه يدعي ان الله سبحانه أمر بالمحافظة وكتم متعلقها وليس للرسول وآله الطاهرين تفسيرها وتوضيحها وقياس هذا الحكم بالاسم الأعظم وليلة القدر في غير محله أيضا.
وحيث ان الوجوه التي ذكرها في تعيين هذه الصلاة موهونة ضعيفة ولا دليل ولا قرينة في ظاهر الآية لتعيينها ذكر بعض المفسرين ان الوظيفة المتعينة في هذا الباب الرجوع في تعيينها إلى السنة المعتبرة.
وفي عدة روايات من أئمة أهل البيت (ع) ان الصلاة الوسطى هي صلاة