الحضر وما استدل على وجوب القصر في الخوف لا يخلو عن الضعف والقصور ويمكن الاستدلال بها على القصر بذيل الآية قال تعالى (فَإِذا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً) (النساء ١٠١).
فالأمر بإقامة الصلاة بعد زوال الخوف وحصول الاطمئنان ليس الا باعتبار حصول الاطمئنان وهو ظاهر في التمام ولا أقل من دلالتها عليه بالإطلاق هذا وقد أقر بعض المحققين من الفقهاء بضعف دلالتها على وجوب القصر في حال الخوف في الحضر وقالوا ان الاولى الاستدلال بالقصر بالروايات الواردة المصرحة بذلك.
في البرهان عن الشيخ بإسناده عن زرارة قال سألت أبا جعفر (ع) عن صلاة الخوف وصلاة السفر تقصران قال نعم وصلاة الخوف أحق أن تقصر من صلاة السفر ليس فيه خوف أقوى فالخوف في الآية المبحوثة عنها موضوع تام للترخيص والإرفاق في كيفية الصلاة مشاة وركبانا من غير فرق بين أنحاء الخوف وأنواعه من اي سبب كان من لص أو سبع أو عدو في موقف الحرب وغيره والفرق بين هذه الآية وما في سورة النساء ان هذه في مقام بيان حال شدة الخوف والترخيص في كيفية الصلاة وأدائها بحسب ما أمكن فهي نص في إبطال قول أبي حنيفة من قوله بسقوط الصلاة في حال شدة الخوف وعدم جوازه في حال المشي وحال الطعن والضرب على ما حكاه الشيخ (قده) عنه في كتاب الخلاف واستدل بذلك الجصاص الحنفي بعد إقراره بإطلاق الآية انها مقيدة بقوله (ص) يوم الأحزاب ملأ الله قبورهم وبيوتهم نارا كما شغلونا عن الصلاة الوسطى وفيه انك قد عرفت فيما تقدم في تعيين الصلاة الوسطى ان هذا الحديث قد ابتلى بما يعارضه ويخالفه فلا يصلح لتقييد الآية وعند الإمامية لا حجية له سواء ابتلى بالمعارض أم لا. روى في الوسائل انه (ص) صلى يوم الأحزاب إيماء فالآية باقية على قوة إطلاقها ثم أن الجصاص قال بالفرق بين الطالب والمطلوب وقال ان الطالب غير خائف فلا يجوز له صلاة الخوف وفيه ان الطالب قد يكون خائفا أيضا فإنه لو لم يكن طالبا ليصير مطلوبا ثم انه لا يخفى ان الضرورات تقدر بقدرها فيجوز للخائف الصلاة حسب ما أمكنه وهذا هو مقتضى إطلاق الآية فقد رخص تعالى للخائف إتيان الصلاة راجلا وراكبا من غير تعرض بطور من أطوارها وقد وردت في روايات كثيرة عن أهل البيت (ع) التصريح لكلا الإطلاقين أي شمول الخوف بجميع أنحائه وأنواعه اللص والسبع والعدو في موقف الحرب وغيره وكفاية الصلاة كيفما امكنه في الوسائل من الشيخ بإسناده عن جابر عن أبي جعفر (ع) قال قام علي يطلب الناس بصفين الى ان قال ثم نهض القوم