تكون لهم شفعاء عند الله قال تعالى (وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللهِ) يونس ١٨ أقول الظاهر ان المراد بقوله من دون الله اي سواه تعالى أي ان العبادة وقعت خاصة للأصنام فقط دون الإله الحق المبين.
قال في القاموس دون بالضم نقيض فوق الى ان قال وبمعنى سوى انتهى أقول وهذه الطائفة الثانية من الأولى أيضا اي أن عبادتهم لأصنامهم على سبيل الاختصاص بها دون إله الحق المبين ولا يجعلونه تعالى شريكا في العبادة مع أصنامهم كما هو ظاهر هذه الآيات وأن أبيت الا ان تقول ان هذه الآيات تدل أنهم يجعلونه تعالى شريكا في عبادتهم للأوثان فعليه تكون هذه الآيات في القسم الثالث على ما سنشير إليه إن شاء الله.
الثالثة : ـ صريح عدة من الآيات ان من الكفار من يتخذ آلهة يعبدونها ويجعلونها شريكا مع الله رب العالمين ويجعلونه تعالى في عرض الأصنام قال تعالى (قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللهَ) آل عمران ، ولا يخفى عند اولي الألباب والإنصاف ان الشفاعة والاستشفاع الذي ثبت تشريعه بحكم الكتاب والسنة يجب التدين والتعبد به ويحرم الاستنكاف والاستكبار عليه تعالى في مخالفة أمره وتشريعه كيف يكون شركاء بالمعاني الثلاثة التي ذكرنا وأي مناسبة بين هذا التشريع المقدس وبين هذه الطوائف الثلاثة من الآيات وضروري انه لا دلالة لهذه الطوائف الثلاثة من الآيات ولا اشارة ولا اشعار على ذلك فمن نسب الشيعة وعامة المسلمين الذين يستشفعون لرسول الله الى الغلو والشرك فقد خالف محكم الكتاب حيث أمر تعالى المذنبين أن يأتوا رسول الله كي يستشفع لهم فما اختلف هؤلاء إلا بعد ما جاءهم العلم جهلا أو حسدا فعدو الله إبليس امام المتكبرين وسلف المستكبرين ابى عن السجود لآدم استكبارا أو حسدا وهؤلاء الجهلاء يأبون عن الاستشفاع بالرسول وينسبون الشيعة وعامة المسلمين الى الغلو والشرك بالمغالطات التي سموها فقاهة وتفقها والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.
ختام فيه تذكار :
لا يخفى أن صريح الآيات والروايات دالة على إثبات الشفاعة إن الشفاعة أمر اختياري للمقربين وخاصة في ما يقع منها في الدنيا فالأنبياء والصديقين انما يشفعون بأمر الله واذنه.
وليس كما زعم بعض المفسرين ان الشفاعة أمر تكويني وعبارة عن تأثير نفوس الأنبياء سيما نبينا (ص) في متعلق الشفاعة وهذا التأويل فعل الله والأنبياء وسائط فعله تعالى بناء على العلية والمعلولية وأنت تعلم انما يتم هذا على القول بالإيجاب في أفعاله تعالى وعلى الجبر في أفعال العباد. وانما تأول تلك الآيات والروايات تحفظا على أصول العلية والمعلولية. والآيات الكريمة والروايات المباركة تنادي بأعلى صوتها على بطلان ذلك التأويل وتتأبى عنها.