على الأحداث والإيجاد أيضا ولكل واحد مما ذكرنا من مصاديق العمران فضيلة ومثوبات عظيمة قد وردت السنن المعتبرة بالأمر بها والتشويق والتأكيد فيها وهي مدونة في جوامع الحديث والآية الكريمة صريحة في الحث عليها وان العبادة المذكورة من سنن المؤمنين الأخيار.
قوله تعالى (مَنْ آمَنَ بِاللهِ) ليس المقام مقام تصريف الايمان وبيان شرائطه وحدوده كي يتوهم أن الايمان عبارة عما ذكر في هذه الآية وانما السياق سياق طرد المشركين وتبعيدهم عن هذه الساحة المقدسة وانهم غير مستأهلين لإقامة الشعائر وعمارة المساجد والتعبير (بانما) المفيدة للحصر ان هذه العبادات خاصة بأهل الإيمان فقط دون غيرهم والايمان هو الإقرار والإذعان بالله بعد المعرفة بالله الحق المبين وهو من أشرف الفرائض وأسناها فالاذعان بعد المعرفة والهداية هو الايمان وقد يطلق ويراد أحد الجزئين الهداية أو الإذعان تسمية للجزء باسم الكل وهكذا بالنسبة إلى غيرهما من الاجزاء أو الشرائط المقررة في أبوابه وهذا بناء على أن الايمان كله عمل والإذعان الذي هو من أشرف اجراء الايمان عمل أيضا غاية الأمر أن يقال انه مركب من الأعمال أي عمل الروح والبدن وهذا هو المستفاد من الروايات المأثورة عن أئمة أهل البيت عليهمالسلام ومقابل هذا القول ان الايمان حقيقة بسيطة وهو الإذعان والأعمال شرط لصحتها وقبولها والقول الأول هو الحق الحقيق بالقبول.
قوله تعالى (وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) ، مقابل الأول فالدنيا اليوم الأول وما بعد الدنيا هو اليوم الآخر والمراد منه ما بعد الدنيا لا المعاد فقط كما قيل ويوم المعاد موقف من مواقف يوم الآخرة فالآخر إذا وقع صفة لليوم فيذكر وإذا وقع صلة للدار فيؤنث فيقال الدار الآخرة فأول هذا اليوم وطليعته القبر فالقبر أول منزل من منازل الآخرة وفيها منازل ومواقف البرزخ والبعث والنشور والوقوف في عرصات القيامة الى أن ينتهي إلى الموقف الكبير وهو يوم العرض الأكبر على الله أي العرض على الله فالحساب ثم الى دار كرامة الله ونعيم مقيم أو دار هواته وهي الجحيم.
قوله تعالى (أَقامَ الصَّلاةَ) ـ الى آخره ـ اقامة الصلوات أخص من فعل الصلوات فالمراد من إقامتها إتيانها على حدودها وشرائطها التي لا ينفك عن كونها مقبولة عند الله سبحانه واتى الزكاة قرن الصلاة بالزكاة غالبا في القرآن مع كونها من أجل الفرائض وقرينا للصلاة.
قوله تعالى (وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللهَ). قال في الصافي ملخصا اي ما يرجع الى أمر الدين فان الخوف من المحاذير جبلي لا يمكن أن يتمالك عنه.
أقول الخوف من الله والخشية منه سبحانه ليس من هو ان النفس وذلتها ومن قبيل التأثرات في مقابل ما يهدده من الحوادث والمحاذير بل هي من أجل الكمالات