هو الثناء على الذات وعلى الصفات وعلى الأفعال وليس المراد منه هو الثناء المطلق كي يكون متساوقا ومرادفا بالتمجيد بل المراد هو الثناء على غلو الذات والصفات والأفعال عن كل ما يتوهم فيه من العيب ويستحيل تطرق نقص وشين في كمال ذاته وصفاته وأفعاله والذين فسروا الحمد بأنه الثناء على الجميل الاختياري أو قالوا انه بمعنى السكر اضطروا في المقام ان يعترفوا ويقروا بما ذكرناه في تفسير الحمد فينبغي أن يستدل بهذه الآية على صحة ما ذكرناه من التفسير ونقض ما قالوا عن البيان فقد أمر تعالى رسوله ان يوقع الحمد والثناء على نفس الذات المتوحد بالالوهية من حيث كونه مقدسا ومنزها عن اتخاذ الأبناء والأولاد فهو سبحانه محمود وحميد بلحاظ هذا النعت التقديسي والتنزيهي إبطالا وردا لما قال فيه الجاهلون والملحدون وقد قالوا عزيز بن الله والمسيح ابن الله والملائكة بنات الله.
فهذا التقديس مسوق لنفي الجسمية ولوازمها عنه تعالى وان مقامه تعالى أعلى وارفع من اتخاذ الولد والبراهين القائمة على نفي الجسمية وآثارها ولوازمها عنه تعالى قاضية وحاكمة في المقام ولا حاجة الى إبطال نفي الولد بخصوصه كي ينجر الكلام الى نفي الوالد أيضا.
قوله تعالى (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ) تنزيه ثان وتصريح وتذكرة الى كمال آخر وتوحده وتفرده سبحانه بذلك لا شريك له في الملك بالضم وقد صرح البيضاوي وغيره ان الملك بالضم اي التصرف بالتدبير والسلطنة على الشؤون العامة والأمر والنهي واسم الفاعل منه ملك والملك بكسر الميم اي اختصاص التصرف في الأعيان والفاعل منه مالك.
وقالوا ان ملك أبلغ من المالك في إفادة المالكية لأنه عبارة عن السلطنة في الشؤون العامة والأمر والنهي فمن المالكين من يجري عليهم أحكام الملوك.
أقول لا دليل لهذه الدعوى ولا شاهد عليها لا بحسب المادة ولا بحسب الهيئة وموارد الاستعمال لا يساعد على ذلك فاستعمال الملك بضم في الأعيان والملك بالكسر في غيرها غير عزيز في موارد الاستعمال قال تعالى (قُلِ اللهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ) آل عمران (٢٦) قال تعالى (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) الفاتحة قال (وَنادَوْا يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ) (زخرف ٧٧) في القاموس ملكه يملكه ملكا مثلثة وملكه محركه ومملكة بضم اللام ويثلث احتواه قادرا على الاستبداد به انتهى. والظاهر ان المراد في المقام هو اقتداره تعالى ونفوذ سلطانه على جميع ما سواه إيجادا وإبقاء ومنعا وعطاء وتشريعا وتكوينا وقبضا وبسطا فله ملك السموات والأرضين ملكا ذاتيا وله الحكم وبيده الأمر فيها وفي أهلها بما شاء كيف يشاء طبق التدبير العلمي العمدي الحكمي قال السيد (قده) في شرح دعائه بعد صلاة الليل في تفسير قوله واستعلى ملكك علوا. الدعاء. واستعلاه