الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) وأخفى ما سوى ذلك أقول مفاد الحديثين ان في قراءة الفرائض جهرا وإخفاتا لا بد من مراعاتهما واما تعيين موارد الجهر والإخفاء بحسب أدلتهما فموكول الى المطولات الفقهية.
(الآية التاسعة)
قال تعالى (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) (الأحزاب ٥٦).
بيان : الصلاة قيل انه بمعنى اللين يقال صليت العود بالنار إذا لينته وقومته فإن المصلي يلين بالعطف والحنو ويسعى في تعديل ظاهره وتقويم باطنه كذا افاده السيد (قده) في شرح الصحيفة وفي القاموس صلى عصاه على النار وتصلاها لوح وقال في تفسير لوح أحماه وقد نوقش في مبدأ اشتقاقه فقال بعضهم ان التصلية ناقصة واوي مثل التزكية والتربية وقال بعضهم انه يائي سواء كانت مجردة أو مزيدة فلا يقاس بالتزكية والتربية فإنهما واويان ـ بعد تكرار عينه في باب التفعيل وتشديده وهو ظاهر وقيل ان الصلاة بمعنى الدعاء ويظهر من بعض الكلمات انه المسلم بين الفقهاء واللغويين وهو كما ترى لوجود الاختلاف عند أهل اللغة كما ذكرنا عنهم وأعرضنا عن ذكر أقوال جميعهم هذا أولا واما تفسير الصلاة بالدعاء فعلى ظاهره غير مستقيم فإن الصلاة فعل لازم يتعدى بحروف الجر مثل (صَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ) والدعاء متعد بنفسه وليستا بمترادفين فالظاهر ان الدعاء هو التوجه والإقبال إلى الغير بعناية جلب كتوجه الغير إلى الداعي واجابته بخلاف الصلاة فإن المراد هو التوجه المطلق من دون العناية المأخوذة في الدعاء والنداء وليست هذه العناية دخيلة في تحقق مفهوم الصلاة فعلى هذا يفسر الصلاة بالدعاء أيضا ويكون من إفراد الصلاة من حيث ان في الدعاء توجه مع قطع النظر عن الخصوصية المأخوذة في الدعاء ومن فسره بمعنى اللين والخضوع والعطف كما هو مفاد القول الأول لم يخالف القول انه بمعنى الدعاء بالتوجيه الذي ذكرناه ويختلف المعنى بحسب الموارد فالرحمة والعطف من الله سبحانه صلاة بالحقيقة والتعظيم وحسن الثناء من الملائكة من إفراد الصلاة حقيقة فإنه انعطاف وتوجه منهم الى رسول الله (ص) وكذلك التماس الكرامة والمواهب الخاصة والدرجات الرفيعة من الله سبحانه لرسوله من أفاضل أمته صلاة بالحقيقة فإنه انعطاف وأشفاق وخضوع في ساحته (ص) وإيفاء شيء من حقوقه فإنه الرحمة الواسعة من الله سبحانه علينا وعلى جميع أهل العالم.
فتحصل من جميع ما ذكرنا ان الصلاة ليست موضوعة للمعاني المذكورة لها على