وخفاتا مات فجأة والخفت اسرار المنطق كالمخافة والتخافت انتهى وفي مرآت الأنوار في تفسير التخافت قال اي مسارة بعض الى بعض انتهى.
فعلى هذا ليس التخافت بمعنى الإخفاء المتعارف بل الظاهر من بيان القاموس هو شدة الإخفاء بحيث يخرج عن صدق القراءة والذكر ويكون من مصاديق النجوى والذكر النفسي والظاهر ان المنهي والممنوع من الجهر بقرينة مقابلته مع التخافت هو الإجهار الخارج عن المتعارف مثل الصيحة ويشهد على ذلك الأمر بابتغاء السبيل بين طلاق الجهر والإخفات وهذا السبيل هو الشق الثالث فلو كان الممنوع هو ماهية الجهر وماهية الإخفات على الإطلاق لم يكن ابتغاء السبيل واختيار الشق الثالث بينهما فتعين ان يكون السبيل المطلوب هو الوسط من الجهر والإخفات والممنوع هو المرتبة الشديدة منهما فاذن لا إجمال في الآية من حيث مورد النهي ومتعلقة فيشتمل الصلوات كلها أنواعها وإفرادها وقراءاتها وأذكارها كما ادعاه في كنز العرفان حيث حمل الآية على وجوب الجهر ووجوب الإخفات من غير تعيين موردهما ودعوى الإجمال فيها وكذلك لا إجمال في السبيل المطلوب فان المطلوب هو المتعارف من كل واحد منهما على الإطلاق فالآية ساكتة عن بيان وجوب الجهر والإخفاء في القراءة فيحتاج الى بيان آخر يفيد وجوب الجهر المتعارف في بعض الموارد ووجوب الإخفاء المتعارف في بعضها فلو لا وجود هذا البيان لكان الحكم على التخيير بين الجهر المتعارف والإخفاء المتعارف.
في نور الثقلين عن تفسير القمي مسندا عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله (ع) في قوله (وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها) قال : الجهر بها رفع الصوت والإخفات ما لم تسمع نفسك واقرأ ما بين ذلك في تفسير العياشي عن عبد الله بن سنان قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الامام هل عليه أن يسمع من خلفه وان كثروا قال ليقرأ قراءة وسطا ان الله يقول (وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها) أقول قد عرفت ان متعلق النهي أعم من القراءة والأذكار وذكر القراءة انما هو من باب ذكر المصداق البارز والله الهادي.
وحيث ان هذا الإطلاق المستفاد من الآية أي الإطلاق من حيث السبيل المطلوب في معرض التقييد فيكفي في تقييده صحيحة حريز عن زرارة عن أبي جعفر (ع) في رجل جهر بالقراءة في ما لا ينبغي الإجهار فيه أو أخفى فيما لا ينبغي الإخفات فيه فقال ان فعل ذلك متعمدا فقد نقض صلاته وعليه الإعادة وان فعل ذلك ساهيا أو ناسيا أو لا يدري فليس شيء عليه وقد تمت صلاته وكذلك ما هو المعلوم من فعل المعصومين ففي الخلاف روى صفوان قال صليت خلف ابي عبد الله (ع) أياما فكان يقرأ في فاتحة الكتاب (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) فان كان صلاة لا يجهر فيها بالقراءة جهر (بِسْمِ اللهِ