أقول هذه الاحتمالات والأقاويل عن الآية الكريمة ما ذكرنا منها وما لم نذكره انما هي بناء على ان الآية في مقام إيجاب صلاة العيد وتشريعها وإيجاب النحر بعد الغداة وتشريع صلاة الغداة قبل النحر وهو توهم بارد لا دليل عليه والآية الشريفة سبقت بتكريمه وتشريفه (ص) وتسليته حيث عابوه أعدائه ومبغضيه بأنه أبتر فشرفه تعالى بإعطاء الكوثر والكوثر الخير الكثير بحذف الموصوف والأمر بالصلاة والنحر تعريض لأعدائهم الوثنيين حيث يعبدون الأصنام أي اقبل على شأنك العظيم من تحمل أثقال النبوة واشتغل بالصلاة خالصا مخلصا لربك جل مجده واعرض عن أعدائك الشائنين فان الله سبحانه قد حكم وقضى قضاء حتما بقطع دابرهم وتبار عمرهم وخمود ذكرهم ونبشر نداء مجدك وجلالتك وعظمتك وفصحتك مشارق الأرض ومغاربها في غابر الزمان وفي أعماق القرون الآتية فعلى هذا يكون المراد من الصلاة مطلق الصلاة أو التي كان رسول الله مداوما عليها من الصلاة فتسقط جميع الاحتمالات التي ذكروها في الآية فليس هنا من إيجاب صلاة العيد والغداة ومن إيجاب النحر اسم ولا رسم فيكون هذا البيان قرينة على ان النحر انما هو شيء يرجع الى الصلاة وخصوصياتها لا نحر الإبل وذبح الانعام والأغنام.
قال في القاموس وداران متناحران متقابلان ونحر الدار استقبلها والرجل في الصلاة انتصب ونهد صدره أو انتصب نحره إزاء القبلة انتهى.
أقول قول القاموس نحر الدار الدار استقبلها ليس مراده مطلق استقبالها بل ارتفعت واستقبلها قال الشاعر :
أيا حكم أنت عم مجالد |
|
وسيد أهل الأبطح المتناحر |
فيكون النحر شاملا للانتصاب محاذيا القبلة ويكون شاملا للانتصاب بنحره ويكون بإطلاقه شاملا لرفع اليدين مستقبلا ببطونهما حذاء القبلة أيضا ولا بأس بالأخذ بإطلاق النحر الشامل لجميع ما ذكرنا من المعاني في تفسير الآية وتكون ما وردت في الروايات الكثيرة عن أئمة أهل البيت (ع) ان النحر رفع اليدين مستقبلا ببطونهما بإزاء الصدر والوجه والخد أو بإزاء الأذنين ولا يتجاوز انهما من باب ذكر أفضل المصاديق ومن إفراد المعنى العام اللغوي ويؤيد هذا الإطلاق ما في البرهان عن الكافي بإسناده عن رجل عن أبي جعفر (ع) قال قلت له (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) قال الاعتدال في القيام ان يقيم صلبه ونحره. الحديث. فهذه الرواية لا تنافي الروايات المفسرة النحر برفع اليدين إزاء للصدر والوجه وغيرها بل هذه مؤكدها ومؤيدها ان المراد في الآية هو المعنى العام اللغوي.
فروع : الأول ـ نسب الى المرتضى (قده) القول بوجوب النحر نظرا الى ظاهر