لله سبحانه فقط.
أقول ـ هذا الذي ذكر وغير ظاهر من الآية بل الظاهر ان الآية الكريمة في مقام توحيد الذات الاحدية ونفي الأضداد والأنداد عنه سبحانه اي ما انا عامله وآتية من افعالي وعباداتي وما اعتقده وأذعن به في حياتي وبعد موتي وابعث عليه من إيماني وتوحيدي لله جل مجده لا شريك له عبادتي واقعة لله وبفضله وعنايته دون الأصنام والأنداد قوله تعالى (وَبِذلِكَ أُمِرْتُ) اي بالإخلاص وتوحيد الذات وتنزيهه عن الشريك وهذا الأمر ليس امرا تشريعيا تعبديا وانما هو وجوب واقعي عقلي فان الاستسلام لله بحقيقة التسليم والكفر بما سواه من الأصنام والأضداد واجب ضروري بذاته من دون احتياج الى جعل جاعل وتشريع شارع.
قوله تعالى (وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ).
الظاهر ان قوله وبذلك أمرت وقوله وانا أول المسلمين مقول ومأمور به «ان يقول» عطفا على قوله تعالى (إِنَّ صَلاتِي) إلى آخر الآية أي قل (بِذلِكَ أُمِرْتُ) وقل انا ـ الى آخر الآية ـ فقوله تعالى (لا شَرِيكَ لَهُ) لظهوره في نفي الشريك في الألوهية وقوله وأنا أول المسلمين قرينة على ما ذكرنا ان الآية في مقام التذكر بتوحيد الذات ووجوب الايمان والإسلام بذلك وان هذا الايمان والإسلام من سنة أوليائه وأنبيائه وخاصة الرسول الأكرم سيد الموحدين ، امره تعالى ان يظهر للناس ما كان عليه من الإخلاص التام في توحيد الله وتزكية نفسه المقدسة عن التقرب بالأوثان والعبادة لهم وقد تكرر في القرآن هذا النمط من البيان والدعوة الحسنى الى الله قال تعالى (قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (الانعام ١٤) قال تعالى (قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لَمَّا جاءَنِي الْبَيِّناتُ مِنْ رَبِّي وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ) (المؤمن ٦٦) فلفظ الإسلام وان استعمل في القرآن الكريم في المراتب النازلة الابتدائية للإسلام قال تعالى (قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا) (الحجرات ١١) الا أن المراد في أمثال المقام الراجعة إلى شخصه (ص) وفي أمثال قصص إبراهيم (ص) ليس هو التسليم العادي الابتدائي أو اللساني بل هو تسليم ذاته بكليتها وبما فيها من مواهبه ونعمائه سبحانه قال تعالى (فَلَمَّا أَسْلَما وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ) (الصافات ١٠٣) قال تعالى (رَبَّنا وَاجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ) (البقرة ١٢٨) فإن هذا الدعاء منه (ع) حين يبني الكعبة ويرفع قواعدها وقد كان رسولا ونبيا قال تعالى. (وَلَقَدِ اصْطَفَيْناهُ فِي الدُّنْيا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ إِذْ قالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ) (البقرة ١٣١) فالموقف بتصريح الآية السابقة بعد تحقق الاصطفاء