له وخضع وذل وخدمة والتزم شرائع دينه ووحده. انتهى ما أردناه.
أقول العبادة من أوضح المفاهيم وأظهر الحقائق والمعاني فتفسيرها (بما يقال في الفارسية برستش) تفسير بالاخفى وهي كما صرح به اللغويون من مصاديق التواضع والتذلل فامتثال جميع الأوامر والنواهي المولوية الشرعية عن بعث المولى ونهيه تواضع وخضوع في ساحة المولى وعبادة بالحقيقة وكذلك الإقرار بوجود صانع تعالى وانه حق لا ريب فيه وتقديسة وتنزيهه عن الشريك والند والضد وعن كل ما لا يليق به والثناء عليه وتمجيده وتكريمه بما هو أهله أمر حسن جميل بالضرورة وتواضع له تعالى فمرجع أمره تعالى لموسى بن عمران (ع) بقوله فاعبدني تذكر باحترام ذاته وبالقيام بوظائف عبوديته لله سبحانه وان يتواضع ويخضع له تعالى خضوع الفانين المخلصين فليس الأمر بالعبادة بعد التذكر بذاته تعالى ووحدانيته امرا تشريعيا تعبديا سيما مع التعبير بفاء التفريع في قوله (فَاعْبُدْنِي) قوله تعالى (وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي) عطف على الجملة السابقة فهل الأمر بإقامة الصلاة في مقام إيجاب الصلاة وتشريعها على موسى وأمته أو في مقام التذكر بوجوب طاعته ما كان مفروضا أو ما سيفرضه عليه من الصلاة ، والظاهر من كلمات المفسرين وكلمات من تعرض من الفقهاء قدس الله أسرارهم بالاستدلال بالآية على وجوب قضاء الفوائت على الفور وكذلك القائلين بعدم الفور وهو الاحتمال الأول على ما سيجيء تفصيله عن قريب إن شاء الله.
والأقرب هو الاحتمال الثاني فإن الظاهر من قوله تعالى (أَقِمِ الصَّلاةَ) هو إقامة الصلاة بحدودها وشروطها المقررة المرسومة بحسب أدلتها لا إيجاب الصلاة ووجوبها وقوله تعالى (لِذِكْرِي) في مرحلة التعليل بالإقامة المذكورة أي ليكون ذاكرا لي فإن الصلاة ذكرا له لأنها تسبيح وتكبير ودعاء وذكر وتهليل ـ الى آخره.
ويحتمل ان يكون بحذف المفعول أي لذكري إياك قال تعالى (وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ) (العنكبوت ـ ٤٥).
وقد ورد في تفسيرها في رواية أبي الجارود عن الباقر (ع) قال ذكر الله لأهل الصلاة أكبر من ذكرهم إياه الا ترى انه يقول (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ) (البقرة ـ ١٥٢).
قوله تعالى ((لِذِكْرِي) ـ الآية) في مرحلة التعليل لقوله تعالى (أَقِمِ الصَّلاةَ) وقيل يمكن ان يكون تعليلا لكلتا الجملتين اعني (فَاعْبُدْنِي) وَ (أَقِمِ الصَّلاةَ) وهذا التعبير وان كان يصلح ان يكون حكمة لتشريع الصلاة الا أن الأمر بإقامة الصلاة قرينة واضحة على انه حكمه للطاعة وللقيام بأمر الصلاة لا تشريعها وإيجابها.
والقرينة الأخرى قوله تعالى في ذيل الآية (إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكادُ أُخْفِيها لِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما تَسْعى). (الآية) فإن مجازات كل نفس بسعيها انما تلائم وتناسب