للطاعات وأعمال العباد لا لتشريع الصلاة وإيجابها لذكره تعالى.
فتحصل في المقام ان الآية الكريمة في مقام الإرشاد إلى إقامة ما كان واجبا من الصلوات حاضرة كانت أو فائتة والروايات الواردة في المقام منطبقة على ذلك كل الانطباق قال في المجمع قيل معناه (أَقِمِ الصَّلاةَ) إذا ذكرت ان عليك صلاتا أكنت في وقتها أو لم تكن عن أكثر المفسرين وهو المروي عن أبي جعفر (ع) ويعضده ما رواه انس عن النبي (ص) انه قال من نسي صلاتا فليصلها إذا ذكرها لا كفارة لها غير ذاك وقرأتم الصلاة لذكري رواه مسلم في الصحيح انتهى. وههنا أقوال لا جدوى في نقلها.
في نور الثقلين ج ٣ ص ٣٧٥ عن الكافي مسندا عن عبيد بن زرارة عن أبيه عن أبي جعفر (ع) قال إذا فاتتك صلاة فذكرتها في وقت آخر فان كنت تعلم انك إذا صليت التي فاتتك كنت من الأخرى في وقت فابدأ بالتي فاتتك فان الله عزوجل يقول (أَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي) وان كنت تعلم انك إذا صليت التي فاتتك فاتتك التي بعدها فابدأ بالتي أنت في وقتها فصلها ثم أقم الأخرى.
أقول : واضح ان الأمر بإتيان ما فات مستند الى قوله تعالى (أَقِمِ الصَّلاةَ) ولا دليل في الآية انها سيقت للتوقيت أي توقيت الفائتة وانما غرض الآية والاستدلال بها لأصل الوجوب وإقامتها بعد فوتها.
ثم ان من قال ان الآية في مقام تشريع الصلاة على موسى وأمته يشكل عليه المخرج من تفسير الآية بهذه الروايات فان موسى لما نام عن صلاته ما نسي وما تركها متعمدا ولا ارغب في الخوض والبحث عن هذا القول والنقض والإبرام فيها ففيما ذكرنا كفاية والحمد لله أولا وآخرا وصلى الله على محمد وآله الطاهرين.
قوله تعالى (لِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما تَسْعى) الظاهر ان الآية في مرحلة التعليل لقوله تعالى (إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ) ـ الى آخره ـ وهذا وعد للمتقين بأنه تعالى شكور لا يضيع لديه أجر المحسنين بل يجزى بفضله بالإحسان إحسانا حتى تكون كل نفس لسعيها راضية وفي هذا البيان حث على العمل بما ينتفع به يوم القيامة وقيل انها وعيد للمجرمين أيضا.
أقول : لا تأبى الآية الكريمة عن شمولها وعمومها لوعيد المجرمين الا انها لما كانت في موضع التعليل المذكور بعد الأمر بالعبادة والأمر بإقامة الصلاة لذكر الله سبحانه فلا محالة تكون الآية ظاهرة للوعد في الثواب والجزاء على العبادة والطاعة.
وقد قيل كما في كنز العرفان وغيره أيضا ان في الآية دلالة على ان الجزاء انما هو بما يسعى الإنسان بنفسه لنفسه فلا يفيد سعي أحد لأحد ولا عمله للآخر وبنى على ذلك أصالة عدم صحة العبادة في مورد تولية الغير عبادة الغير في الأحياء فلا