المطبوخ والأحجار الملقاة فيها وغيرها حتى كاد أن يخرج من إطلاق الصعيد والتراب.
قوله تعالى (فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ) الآية وهذه هي الطهارة الترابية التي من الله تعالى على هذه الأمة بدلا عن الطهارة المائية إرفاقا وتسهيلا وتخفيفا فأسقط منها المسحات مسح الرأس والرجلين وأثبت طهارة الوجه واليدين بالتراب والصعيد مع تخفيف بين واضح بحيث اكتفى فيهما بالمسح في الجملة توضيحه.
توضيح ذلك ان التيمم بدلا عن الوضوء والغسل بعد إسقاط المسحات في الوضوء اي المسح على رأس الرجلين انما هو على الوجه واليدين فقال الزهري انه يمسح من المناكب الى رءوس الأصابع والمحكي عن بعض الأعاظم المسح على أعضاء الوضوء كله الوجه من قصاص الشعر الى الذقن وعلى اليدين من المرفقين الى رءوس الأصابع والمشهور هو المسح على بعض الوجه وبعض اليدين وهو القول الفصل والحق المبين اما القول الأول فبطلانه غني عن البيان فان نص الكتاب في الوضوء هو الغسل من المرفقين فإيجاب التيمم من المنكبين بدلا عن الوضوء خروج عن مقتضى البدلية ولا دليل على مدعاه غير الآية الموجبة للتيمم بدلا عن الوضوء وكذلك فيما هو بدل عن الغسل واما القول الثاني وهو المسح على أعضاء الوضوء قضاء لحكم البدلية ففيه ما قدمناه في البحث في مسح الوضوء ان (مسح) متعد بنفسه الى الممسوح من غير احتياج إلى أداة التعدية وبعد دخول الباء لا بد اما من القول بزيادة الباء واستيعاب المسح أو القول بالتبعيض حفظا وصونا لكلام الحكيم عن اللغوية والهذر فتكون الآية بمكان الباء نصا في التبعيض فيبطل قول القائل بالمسح من المناكب وقول من قال بالمسح من المرافق وتعين مما ذكرنا أن ما يجب غسله في الوضوء مستوعبا يجب مسحه في التيمم مبعضا غاية الأمر عروض الإجمال في المقدار الممسوح فلا بد في تعيين المقدار الممسوح من الرجوع الى السنن المعتبرة الا ان يقال أن الآية الكريمة في مقام بيان المقدار الممسوح فسكوتها عن بيانه دليل على عدم التعيين من ذلك الحيث فيتخير في مسح اي قدر شاء من أي جهة من أعضاء الوضوء والتحقيق هو الأول لتعريض الروايات المفسرة والروايات البيانية للمقدار الممسوح وينسب الى المحقق التخيير في المعتبر بين المسح الاستيعابي والتبعيضي وعبارته في المعتبر تفيد الترخيص والجواز في مسح الذراعين بعد الإفتاء بالمسح التبعيضي وما رخصه من مسح الذراعين انما هو للعمل ببعض الاخبار ونسب الى المنتهى استحباب الاستيعاب ولم اتحصل من المنتهى الا وجوب استيعاب المسح على المقدار المفروض لا استيعاب المسح على العضو كله فيحتاج الى الفحص البالغ في عبارته.
(قوله تعالى منه) الظاهر ان (من) للتبعيض والضمير يرجع الى ما يتيمم به اي امسحوا بوجوهكم وأيديكم بعض ما يتيمم به والظاهر عدم دلالته على وجوب