والظاهر من القرائن والشواهد ان الصعيد هو وجه الأرض وبه صرح من المفسرين الفاضل المقداد في كنز العرفان وهو الظاهر من الطبرسي والجزائري والمحكي عن الرازي والبيضاوي وصريح تفسير نفحات الرحمن.
قال تعالى (فَعَسى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْها حُسْباناً مِنَ السَّماءِ فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً) (كهف ٤٠) فالجنة التي عليها أشجار ونخيل بعد ما أرسل الله عليها حسبانا من السماء يصير صعيدا أي أرضا ملسا يزلق عليها باستيصال نباتها وأشجارها كذا قيل قال تعالى ـ (وَإِنَّا لَجاعِلُونَ ما عَلَيْها صَعِيداً جُرُزاً) (كهف ـ ٨) القمي خرابا وعن الباقر (ع) لا نبات فيها وفي القاموس ارض جرز الى ان قال لا تنبت أو أكل نباتها أو لم يصبها مطر انتهى. فتلخص ان الصعيد هو وجه الأرض الذي لا تعلو عليها ولا تغلبها سبخة ولا ينافي ذلك ان الله سبحانه جعل لهذه الأمة الأرض وترابها طهورا وفي بعض منها ان التراب أحد الطهورين فان جواز التيمم على التراب بحسب السنة لا ينافي جوازه على الصعيد بحسب الكتاب ضرورة عدم التنافي والتخالف بين المثبتين وانما التنافي بين المثبت والنافي على أن التراب من مصاديق الصعيد ومما ينطبق عليه فلا تنافي بين العام وبعض مصاديقه الغالبة وان أبيت الا ان تقول بالتخالف والتكاذب بين الدليلين فالجواب ما ذكرناه من عدم التنافي بل يعمل بكل منهما في مورده وهو دليل على كثرة التوسعة والتخفيف على هذه الأمة.
قوله تعالى (طَيِّباً) أقول فسره قوم بالحلال في مقابل الحرام وقوم بالطاهر في مقابل القذر والنجس وفسره بعض بأنها التي تنبت واستشهدوا بقوله تعالى (وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَباتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِداً) والظاهر ان الطيب يقابل الخبيث وهو ما يكون للنفس تمايل اليه طبعا يقال ريح طيب وغذاء طيب وفي ذيل رواية المعاني عن الصادق (ع) قال الطيب الموضع الذي ينحدر عنه الماء ومثله بعينه عبارة الفقه الرضوي في تفسير الصعيد الطيب ولعل الكتاب المنسوب الى الفقه الرضوي هو رسالة الصدوق الأول وكيف كان فالصعيد الطيب هي الأراضي البعيدة عن العوامل العمومي بقيت بكرا تنزل عليها الأمطار تجري عليها الرياح وتطلع عليها الشمس فتوصيف الصعيد بكونها طيبا من باب أفضل المصاديق وأفضل الإفراد لا يجوز الأخذ بمفهوم الطيب والقوم بعدم الجواز في غير موارد الصفة كما لا يخفى.
فالتيمم من ربي الأرض وعواليها الأفضل ثم الأفضل الى ان يبلغ مرتبة لا تميل اليه النفوس طبعا ويشمئز منها بما فيها من العوامل العمومي من الجص