ويؤيده أيضا ان المذكور في صدر الآية وجوب الوضوء للاحداث ما سوى الجنابة والغسل للجنابة وفي وجوب التيمم بدلا عن الغسل والوضوء لا ينطبق على الجنابة إلا الملامسة فيدور الأمر بين أن يقال ان الآية ساكتة عن حكم التيمم للجنب بدلا عن الغسل أو ان المراد من الملامسة هي التي توجب الجنابة والقول بأن الآية ساكتة عن حكم التيمم للجنب خلاف ظاهر الآية وهي تصريح سياقها كما لا يخفى.
وانما عبر تعالى عما يوجب الجنابة بالملامسة تسترا وتعففا قال الباقر (ع) ان الله تعالى حي كريم عبر عن مباشرة النساء بملامستهن وفي المجمع اختلف الموالي والاعراب فيه فقالت الموالي المراد به الجماع وقالت العرب المراد به لمس المرأة فارتفعت أصواتهم الى ابن عباس فقال غلب الموالي المراد به الجماع انتهى.
قوله تعالى (فَلَمْ تَجِدُوا ماءً) قد مر تفسيره فلا وجه لتكراره وهي قيد للشرط المذكور في أول الكلام وهو قوله تعالى (وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى) وبعبارة أخرى قيد لاسم كان وهو الضمير المتصل في كنتم وجواب الشرط قوله (فَتَيَمَّمُوا) واحتمال كونه قيدا للمسافر فقط كما توهمه الرازي ساقط جدا إذ ليس قيدا للمرضى والمسافر معا فكيف يكون قيدا لأحدهما وقياس ذلك بصورة تعقب الجمل المتعددة قيدا في آخر الكلام ولم يعلم ارتباطه بأحدها قياس مع الفارق كما لا يخفى وكذلك الأمر بالنسبة إلى المجيء عن الغائط والملامسة كما أشرنا إليه سابقا.
قوله تعالى (فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً) التيمم في اللغة بمعنى القصد أي التصدي إلى العمل مشرفا على الأخذ به لا القصد الباطني قال الراغب تيممت كذا وتيممته قصدته قال في القاموس التيمم التوخي والتعمد والياء بدل من الهمزة وتيممته قصدته.
أقول لا دليل على ان تيمم يائها بدل عن الهمزة وان أصلها كانت أمم غير استعمال كلاهما بمعنى القصد.
قوله تعالى (صَعِيداً طَيِّباً) اختلف أهل اللغة في معنى الصعيد فعن الجوهري انه التراب الخالص ونقل ابن فارس عن ابي عبيدة انه التراب الخالص عن السبخ والرمل وفي القاموس انه وجه الأرض وترابها وفي مرآت الأنوار انه وجه الأرض أو ما ارتفع منها أو خالطها من خلط السبخ وغيره والمنقول عن ابن الأعرابي والخليل والزجاج انه وجه الأرض واستظهر أن العناية في إطلاق الصعيد على وجه الأرض انه الصفحة والسطح المتصاعد منها اي السطح الأعلى منها ويقرب ذلك ويؤيده ما في الصافي عن المعاني عن الصادق (ع) قال الصعيد الموضع المرتفع