الثالثة هل المراد من المسافر من كان موضوعا لوجوب التقصير أو للأعم منه بمن لم يقصر الظاهر هو الثاني ضرورة ان من خرج من بيته وتسفر وتبرز يعد مسافرا لغة ووجوب القصر وعدمه شرعا أجنبي عن إطلاق اسم المسافر عليه كالعاصي بسفره ومن كان كثير المسافر.
الرابعة هل يجب على المسافر السعي والطلب بحيث يصدق عليه انه لم يجد ماء أو ان المراد انه بحسب الغالب يسير في الصحاري والبراري وكان فاقدا للماء بالطبع ولا يجب عليه السعي والطلب ولو مع احتمال وجوده لأنه حينئذ يصدق عليه انه لم يجد ماء وسقوط السعي والطلب إرفاق له. الظاهر الأول لعدم صدق عدم الوجدان مع عدم السعي والطلب ولا يكون مشمولا للامتنان والإرفاق بمحض عدم وجدانه الماء من غير طلب وسعي ، وأدلة نفي الحرج وغيرها من أدلة الامتنان والتسهيل لا ينفي هذا المقدار من الطلب بل لا بد من طلب الماء والسعي إليه بمقدار متعارف بحيث لم يبلغ مبلغ الحرج والضيق.
قوله تعالى (أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ) الآية : أو بمعنى الواو فان المجيء من الغائط ولمس النساء ليسا قسيما للمريض والمسافر بل من كان به حدث أو جنابة مقسم للمسافر والمريض وغيرهما أيضا والغائط الأرض المنخفض التي يقصدونها للتخلي بها عما يخرج من أحد السبيلين تجوزا وتسترا والكناية عن الأحداث المعلومة اما بإيراد الجملة أي جاء أحد منكم من الغائط كما هو ظاهر بعض الكلمات أو المراد منها الفراغ من التخلي والخروج عن المحل المعلوم أو ان المراد من الغائط الحدث المعلوم عبر عنها بالغائط تسميع للحال باسم محله.
ومن قال ان المراد في الآية هو الوجه الثاني تكلف فيها بتقدير موضعا وجعل من للتبيين اي جاء موضعا من الغائط ويكون المراد بناء على ذلك التأويل دخوله في الخلاء قاصدا للتخلي ولا يخفى ان التحقيق هو الوجه الأول ولا وجه لتصحيح الوجه الثاني ولا محصل لهذا التأويل ثم ان الآية شاملة على إطلاقها لجميع الأحداث الواقعة في الخلاء بحسب الغالب والعادة لا الغائط المصطلح عند الناس.
قوله تعالى (أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ) وقرء بعضهم لمس والمعنى واحد كما صرح به بعض المفسرين وهل المراد من الملامسة ما يوجب الجنابة أو المراد به هو المس والغسل باليد ونحوه والمنقول عن عمر بن الخطاب وعبد الله بن مسعود وعطاء والشعبي هو الثاني واختاره الشافعي وقال انه يوجب الوضوء وقال مالك انه المس واللمس بشهوة والحق هو الأول ويشهد على ذلك ويستأنس به التعبير بأو الدالة على التنويع ومقابلة الملامسة وجعلها قيما للمعطوف عليه وهو المجيء من الغائط