يتيمم ويصلي ثم يعيد إذا وجد الماء وفيه انه ان كان من باب الأخذ بالمفهوم وان غير المسافر لا يجوز له التيمم فلا وجه لتيممه وان صح تيممه فلا وجه لإعادة صلواته.
الثانية صرح بعض الأعيان ان المراد من المريض من يتضرر باستعمال الماء والذي لا يجد الماء لعجزه عن السعي اليه وطلبه. أقول وفي شمول الآية لكلا القسمين من المريض إبهام وخفاء فان المستفاد من الآية الكريمة وجوب التيمم على المريض الذي لم يجد الماء واما المريض الذي يتضرر باستعمال الماء فخارج عن مفاد الآية ولذا أول عدة من الأعاظم قوله تعالى (فَلَمْ تَجِدُوا ماءً) اي لم تقدروا على الطهارة المائية صرح بذلك المولى المحقق الأردبيلي والعلامة المجلسي في أحد الوجهين والفاضل المقداد وحيث ان المتبادر من قوله (فَلَمْ تَجِدُوا ماءً) هو الفقدان للماء لا عدم القدرة عليه على اي وجه كان فيشكل استفادة وجوب التيمم على المريض المتضرر باستعمال الماء من الآية بل يطلب حكمه من الأدلة الأخرى وقد التجأ بعضهم ان قوله تعالى (فَلَمْ تَجِدُوا ماءً) قيد للمسافر فقط فيكون المريض على عمومه موضوعا لوجوب التيمم. غاية الأمر ان المريض الواجد للماء الغير المتضرر باستعماله يخرج عن التيمم بالمخصصات المنفصلة فعليه يدور وجوب التيمم مدار المرض الا ما أخرجه الدليل والتحقيق ان الموضوع هو المريض الفاقد للماء لا مطلق المريض فلا تعميم ولا تخصيص قال في الحدائق بعد نقل الوجه الأول وان المراد من قوله تعالى (فَلَمْ تَجِدُوا ماءً) في تأويل لا تقدروا وقيل ان المراد كما هو ظاهرها الذي لا يحتاج الى ارتكاب تجوز ولا تأويل انما هو كون المكلف غير واجد للماء بأن يكون في موضع لا ماء فيه فيكون ترخيص متى وجد الماء ولم يمكن من استعماله في التيمم لمرض ونحوه مستفادا من السنة المطهرة ويكون المرضى ونحوهم غير داخلين في خطاب فلم تجدوا لأنهم يتيممون وان وجدوا الماء والظاهر انه الأقرب كما لا يخفى انتهى. وسيأتي مزيد توضيح بذلك في تفسير قوله تعالى (فَلَمْ تَجِدُوا) وفي تفصيل كلام الرازي.
فإن قبل ذيل الآية الكريمة وهو قوله تعالى (ما يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ) الآية فيه إشعار بأن المراد المرضى على العموم سواء كانوا واجدين للماء أو فاقدين فإن إيجاب الطهارة والغسل والوضوء للمريض المتضرر باستعمال الماء مرفوع من ناحية الحرج قلت كلا فان نفي الحرج في مورد فقدان الماء لا مطلقا ولو كان خارجا عن مفاد الآية وسيجيء مزيد بيان لذلك في تفسير الحرج المنفي على نحو الكلية وبيان تطبيقه على مورد البحث وما أرسله في المجمع قال والمروي عن السيدين الباقر والصادق (ع) جواز التيمم في جميع ذلك انتهى. ليس في مقام تفسير الآية بل بعد نقل الأقوال في جواز التيمم وعدمه في أقسام المرضى قال : والمروي إلخ وقد توهم بعض ان الغرض من إيراد هذه المرسلة تفسير الآية بها وهو كما ترى.