بواسطة الجار اي جعلهما خلفة لمن أراد التذكر أو الذكر على ما في بعض القراءات وذكر في الصافي وقرأ بالتخفيف انتهى. والمراد هو مطلق التذكر بالرب سبحانه الحاصل بالتدبر والتفكر في آيات القدرة وعجائب التدبير وأحكام الصنعة والحاصل بسبب الأذكار والتسبيح والتمجيد والركوع والسجود والقراءة أيضا ويتعين هذا المعنى بناء على قراءة التخفيف فمقتضى ظاهر الآية ومحصل معناها انه سبحانه جعل الليل خليفة النهار وبالعكس فيما ينبغي من العمل المطلوب في كل واحد منهما وهذا هو معنى الخلافة والبدلية المجعولة في كل واحد منهما من الله سبحانه فيصح أن يأتي بعمل الليل في النهار وبالعكس والتعبير بما ذكرنا من لفظ الخليفة قد وقع في عبارة المولى المحقق الأردبيلي (قده) أيضا وهذا أقوم ما في الباب من البيان وللمفسرين وجوه أخرى أعرضنا عن ذكرها.
ولا يخفى ان مقتضى البدلية والخلافة المجعولة ان الوقت الخليفة وقت ثان للعمل المطلوب في الوقت الأول ودونه من حيث الفضل والرجحان والعمل مضروب عليهما على هذا النحو.
والظاهر من قوله تعالى (لِمَنْ أَرادَ) ان المراد من الذكر والتذكر ما كان على نحو التطوع والندب فإن الفرائض لا تدور مدار مشيئة الأشخاص وإراداتهم بأن هي مكتوبة عليهم على جميع التقادير وعليهم أن يشاؤوا ويريدوا.
والقرينة الأخرى على الاستحباب شمول الآية وإطلاقها على التذكر الحاصل بالتدبر والتفكر في إيقان التدبر وأحكام النظام أيضا لعدم وجوبه على الإطلاق بل هو راجح وحسن عقلا بالضرورة والقرينة الأخرى التصريح بالشكر لمن أراده فان الشكر ليس واجبا على الإطلاق بالوجوب الشرعي التعبدي وان أبيت عما ذكرنا من البيان فنقول ان شمول الآية لفائتة الفرائض غير ظاهر فان مقتضى الأدلة الواردة في أوقات الفرائض انها مضروبة على تلك الأوقات ولا خليفة مجعولة لها ولا بدلا فلا بد لمن يقول بشمول هذه الآية للفرائض وقضائها التكلم فيها والجمع بين هذه الآية والأدلة الدالة على توقيت الفرائض بأوقاتها الخاصة لها والروايات الواردة على كثرتها بين مصرحة انها في النوافل وبين ما هو شديد الانطباق بمفاد الآية ولا عموم ولا إطلاق في البين كي يؤخذ بهما لدرج الفرائض في مدلول الآية ولو كان هناك توهم إطلاق وإجمال فلحن الآية الكريمة رافع لإطلاقها وإجمالها ومن العجيب ان بعضا من المفسرين بعد تفسير الآية بفائتة الليل والنهار اشتغل ببيان عدة من الفروع الراجعة إلى قضاء الفرائض. وأعجب منه ما عن بعض الأعيان قال واستدل بها على مشروعية فعل فائت الليل نهارا والعكس فان معناها الليل خليفة النهار فيما يصح أن يقع فيه وبالعكس وفهمه من مشكل مجردها.