مثل قوله تعالى (لا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً). الآية. فحرمة الإكراه لا تختص باللاتي يردن التحصن بل الغالب فيهن ذلك وعلى فرض صحة المفهوم ودلالته على انتفاء الحكم عند انتفاء الخوف لا يمكن رفع اليد بهذا المفهوم عن السنن القطعية عملا وقولا عن النبي (ص) فيكشف كشفا قطعيا عن ثبوت الحكم مع الشرطين وبدون الخوف أيضا.
«أقول ما ذكره لا ريب فيه في الجملة الا ان التنظير بالآية في سورة النور لا يخلو عن الاشكال» والظاهر من الآية بقرينة نفي الجناح ان حكم القصر إرفاق ورخصة من غير إيجاب وعزيمة وجنح الى ذلك في القلائد وقال في ما قال ان الرخصة والعزيمة انما تستفاد من دليل خارج وذكر بعضهم ان في الآية إجمالا والظاهر ان مراده من الإجمال احتمال افادة العزيمة وعدمها لا ظهورها في الترخيص والإباحة وقد حاول بعض المفسرين استخراج الوجوب والعزيمة نظير قوله تعالى (فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما) (البقرة ١٥٨) وبقوله تعالى (وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ) (البقرة ١٨٤) فإن المقام مقام التشريع وهو كاشف عن وضع الحكم وتحققه وإرجاع بعض الخصوصيات الى الخارج.
أقول وفيه تردد أيضا فإن السعي بين الصفا والمروة مسبوق بتوهم الحظر والتصريح بأن الصفا والمروة من شعائر الله مع التزام المشركين بالعبادة المرسومة لأصنامهم فيهما والطواف بهما دفع بما يتوهم من الحظر ان السعي والطواف بهما من سنن الجاهلية وبلاغ من الله سبحانه انهما من شعائر الله والخرافات من المشركين بإدخال أصنامهم فيهما لا يخرجهما عما كانا عليه من كونهما من شعائر الله وخلاصة القصة على ما ذكره في البرهان ص ١٦٩ عن علي بن إبراهيم مسندا عن معاوية بن عمار عن الصادق (ع) في حديث الى ان قال والمسلمون كانوا يظنون ان السعي بين الصفا والمروة شيء صنعه المشركون فانزل الله عزوجل (إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما) وذكره بعض في نحو أبسط.
أقول ما ذكروه لا يمكن أن يكون قرينة للوجوب والعزيمة وان الله سبحانه أمرهم بالتزامهم السعي كما كان ، فالمشركون ملتزمون به واما قوله تعالى وان تصلوا خير لكم فيشكل تنظير الآية المبحوثة عنها بها لاختلاف الأقوال في تفسيرها. فالإنصاف ان استفادة الوجوب والعزيمة من الآيتين في القصر والسعي في نهاية الإشكال. فإن قيل ان الرواية عن الباقر (ع) تعطي انه عليهالسلام في مقام افادة الوجوب من الآية ففي الفقيه ص ١١٦ قال روي عن زرارة ومحمد بن مسلم انهما قالا قلنا لأبي جعفر عليهالسلام ما نقول في الصلاة في السفر كيف هي وكم هي فقال