بيان : القضاء في المقام بمعنى التمام أي الإتمام والفراغ مثل قوله تعالى (فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا) (الجمعة ـ ١٠) وقوله تعالى (وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ) (طه ١١٤) قوله تعالى (فَاذْكُرُوا اللهَ). الآية. أي عقيب الصلاة قائماً في حال الطعن والضرب وقاعدا في حال الرمي ومضطجعين في حالات اخرى كيفما دارت بكم الحرب في مواقف القتال فينطبق الذكر بإطلاقه على التعقيبات المأثورة وغيرها وعلى ذكره تعالى ودعائه لأجل الاستمداد والانتظار على الأعداء فان على الغازي والمقاتل الصبر والثبات في مواقف القتال والنصر انما ينزل من الله سبحانه.
قوله تعالى (فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ). الآية ، قد ذكرنا في ابحاثنا سابقا ان المراد من اقامة الصلاة غير الإتيان بالصلاة لعدم صدق إقامتها إلا عند إيفاء حقها وأدائها بحدودها وشروطها المقررة الراجعة إلى قلب الإنسان وروحه وبدنه من شرائط الصحة وشرائط القبول فرب مصل صلاها ولكن استخف بها وضيعها فلا بد من المراقبة بالإخلاص الصادق والإقبال التام ومراعاة السنن المرسومة المأثورة في آدابها.
قوله تعالى (إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ). الآية ، هذا البيان في مرحلة التعليل لجميع الأحكام المذكورة من أول الآية إلى هنا وفي مقام الاهتمام البالغ في شأن الصلاة وانها لا تسقط بوجه أصلا حضرا وسفرا في الخوف والا من وقد اضطرت كلمات بعض المفسرين في تحليل هذه الجملة وتطبيقها على التعليل المذكور وما وقعهم في ذلك الا لفظة موقوتا ومحصل كلامهم ان الصلاة كانت كتابا موقوتا أي فريضة موقتة وأنت ترى ان هذا البيان لا يصلح للتعليل المذكور قال الجصاص في أحكام القرآن ج ٢ ص ٣٢٤ بعد سوق الآية وروي عن عبد الله بن مسعود انه قال للصلاة وقتا كوقت الحج الى ان قال : قال أبو بكر انتظم ذلك إيجاب الفرض ومواقيته لان قوله تعالى (كِتاباً) معناه فرضا وقوله تعالى (مَوْقُوتاً) معناه انه مفروض في أوقات معلومة معينة فأجمل ذكر الأوقات في هذه الآية وبينها في مواضع اخرى من الكتاب انتهى ما أردناه.
أقول قد مر تفسير الآية في أول كتاب الصلاة وخلاصته ان بعض المفسرين صرحوا انه كتب بمعنى فرض والعناية المأخوذة في إطلاق المكتوب على المفروض كما في قوله تعالى (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ) / البقرة (١٨٤) ان المكتوب مثبت ومنقوش على الصحف والأوراق كذلك المفروض مثبت ومكتوب على صحائف التشريع وأوراق الجعل لكنه لا يخفى ان الكتابة مع جميع ما لوحظ فيها من تقرير المكتوب وتحققه في وعاء التشريع لا يدل على أزيد من ثبوت المكتوب وتحققه والأحكام الشرعية كلها كذلك فإنها مكتوبة ومقررة في صحف الجعل والتشريع لا يزول ولا يعطل الا بناسخ من الله سبحانه ينسخها واستعمال الكتاب في الندب والأحكام الوضعية شائع في الكتاب العزيز قال