في تفسير قوله تعالى (قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ) اي عذاب انتهى فالآية الكريمة بمعزل عن دلالتها على نجاسة الخمر بل هي في مقام تحريم الخمر وما عطف عليه من الميسر والأنصاب والأزلام فأورد الخمر في عداد عبادة الأصنام على ما سيجيء بيانه إن شاء الله ثم أكد ذلك انها من عمل الشيطان ثم ذكرهم بوجوب الاجتناب عنها ثم ذكرهم بأن الشيطان يريد إيقاع العداوة والبغضاء بينكم في الخمر والميسر وأكد الأمر وشدده بقوله (فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) مطلب منهم الامتثال والإطاعة والانتهاء عما نهى الله سبحانه.
فقوله (رِجْسٌ) خبر للخمر ولجميع ما عطف عليه من الميسر وغيره وهذا قرينة أخرى على ان المراد من الرجس هي النجاسة والقذارة العقلية إذ لا معنى للنجاسة الحسية في الميسر والأنصاب والأزلام فإن المراد عمل الميسر فعلى هذا لا بد من تقدير المضاف اي تناول الخمر واللعب بالميسر وعبادة الأصنام أو أكل ما ذبح على الأصنام والاستقسام بالأزلام رجس ومن عمل الشيطان فالرجس نعت لفعل المكلف لأنه صفة ونعت لأعيان اعني الخمر وما عطف عليه بالاجتناب والانتهاء عن ارتكاب المذكورات لا عن مماستها.
قال الشيخ الأعظم الأنصاري (قده) في كتاب الطهارة ص ٣٢٢ ربما يتمسك في نجاسة الخمر بقوله تعالى (إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ) الآية وفي دلالتها نظر حيث ان الظاهر من الخمر في الآية بقرينة عطف الميسر عليها وجعلها من عمل الشيطان هو شربها فيصير الرجس شربها لا عينها فتعين حمل الرجس على الحرام انتهى فان قيل فأي مانع ان يقال ان رجاسة كل شيء بحسبه فالرجس في الخمر هي النجاسة الحسية وفي غيره النجاسة المعنوية قلت قال العلامة المجلسي في البحار كتاب الطهارة ص ٢٢ لا يمكن حمل الرجس على النجس لاستلزامه استعمال الرجس في المعنيين الحقيقيين أو الحقيقي والمجازي ولا يمكن أيضا أن يجعل الرجس جزاء للخمر وتقدير خبر آخر لما عطف عليه فان المقدار لا بد أن يكون من جنس المذكور كي يدل عليه ولو اكتفيت بالمشاركة في اللفظ وقلنا بصحته لكان احتمالا مرجوحا فيسقط الاستدلال به انتهى ملخصا. فان قلت فأي مانع من الإطلاق فالرجس بإطلاقه شامل للحسي والمعنوي قلت هذا الوجه ليس به بأس الا انه متوقف على إحراز كون المتكلم في مقام البيان كي ينعقد الإطلاق كما هو المقرر في محله ففي المقام لما كان الآية في مقام بيان التحريم وليس في مقام بيان النجاسة فبديهي عدم كونه في مقام البيان من هذا الحيث فينتفي الإطلاق بالضرورة.
تفصيل وتوضيح : ما ذكرنا من بحث الإطلاق وعدمه في الرجس بالنسبة إلى نجاسة الخمر انما يجري بناء على كون التحريم تعبدية شرعية واما بناء على كون