كان يصنع السفينة جادا في عمله ، متألما من سخريتهم حتى إذا جاء أمرنا ، واشتد غضبنا وحانت الساعة ، ويا لها من ساعة حين فار التنور ، وجاءت السماء بالمطر مدرارا ، وتفتحت العيون بماء غزير (فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ* وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْماءُ عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ* وَحَمَلْناهُ عَلى ذاتِ أَلْواحٍ وَدُسُرٍ) قلنا : احمل في السفينة من كل نوع من الأحياء زوجين اثنين ذكر وأنثى ، واحمل فيها أهل بيتك ذكورا وإناثا ، إلا ما استثنى منهم ممن سبق عليه القول فصار في عداد الكفار المغرقين ، واحمل فيها من آمن معك من قومك ، وما آمن معه إلا القليل. نعم وقليل ما هم .. إن الكرام قليل.
وقال نوح : اركبوا فيها قائلين : باسم الله مجريها ، أى : إجراؤها ومرساها أى : إرساؤها نعم من الله كل شيء ، وهذه بشارة لهم بحفظها ورعايتها من الله.
إن ربي لغفور ستار رحيم بالخلق كريم ، ومن مظاهر رحمته نجاة المؤمنين وهلاك الظالمين.
نهاية القوم واستشفاع نوح لابنه
(وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبالِ وَنادى نُوحٌ ابْنَهُ وَكانَ فِي مَعْزِلٍ يا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنا وَلا تَكُنْ مَعَ الْكافِرِينَ (٤٢) قالَ سَآوِي إِلى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْماءِ قالَ لا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللهِ إِلاَّ مَنْ رَحِمَ وَحالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ (٤٣) وَقِيلَ يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ وَيا سَماءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْماءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٤٤) وَنادى نُوحٌ رَبَّهُ فَقالَ رَبِّ إِنَّ