اعلم يا أخى أن في الإنسان قوة عاقلة مدركة ، تدرك المحسوسات والمشاهدات والمسموعات بواسطة الأذن والعين والأنف وحاسة اللمس والذوق ، وهذه الحواس ليست خاصة بالإنسان ، بل هي في الحيوان كذلك.
وفي المؤمن قوة عاقلة روحية ، تدرك الأسرار ، وتقف على العبر والعظات من المحسوسات والمشاهدات ، فإذا رأت رسما دارسا وبئرا معطلة ، وقصرا مهدما نظرت فاعتبرت ، وأدركت فعلمت ، أن كل شيء هالك إلا وجهه ، له الحكم ، وإليه ترجعون ، وأن أصحاب هذا لا بد أنهم عصوا وبغوا ، فحاق بهم المكر السيئ ونزل بهم جزاؤهم المناسب لهم.
هذه القوة العاقلة الروحية هي التي تدرك معاني الخير والشر ، والفضيلة والرذيلة ، ومحلها القلب ، وللقلب عين وأذن وأنف وإحساس ، ولكن هذه الأشياء كلها ليست هي الظاهرة التي في الإنسان والحيوان ، بل هي حواس قلبية لها زاد هو التقوى ، (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى) ، إذن قد يكون للإنسان أذنين ، وله عينين (وَتَراهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ) ، [سورة الأعراف آية ١٩٨].
يا عجبا لهم!! يستعجلونك بالعذاب تكذيبا لك ، واستهزاء بوعدك ، والله لن يخلف وعده أبدا.
وإن يوما عند ربك من أيام العذاب التي تحل بهم في الآخرة ، كألف سنة مما يعدون!! فأين هم من عذاب ربك؟ والله بالغ أمره ، ولن يخلف الله وعده وهو ناصر رسوله وعاصمه من الناس كلهم.
وكثير من القرى أملى لها الله وأخر عنها العذاب وهي ظالمة من باب الإمهال ، لا الإهمال ، حتى إذا جاء وعد ربك الذي لا يتقدم ولا يتأخر ، أخذها ربك أخذ عزيز مقتدر ، وإلى الله وحده المصير ، وإليه ترجع الأمور.
مهمة الرسول صلىاللهعليهوسلم
(قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّما أَنَا لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (٤٩) فَالَّذِينَ